تواترت عن الإرهابي الذي فجّر نفسه مؤخرًا في منطقة الدرب الأحمر أن من صفاته الانطوائية وعدم الاختلاط بالناس، وهذا أمر لا جديد فيه فكل المتطرفين أو الإرهابيين غير أسوياء بالمرة، فجميعهم يعانون من مشكلات تربوية أو نفسية كضعف الثقة بالنفس والاكتئاب والانطوائية وغيرها، وأما الانطوائية فهي حالة تجعل الشخص يُفضل العزلة عن الآخرين والتواجد بمفرده، نتيجة اعتقاده عدم تحقيق النفع من اختلاطه بالناس.
ومن أسباب ابتعاد الشخص الانطوائي عن الناس قد تكون أسباب وراثية أو أسرية يقلد فيها أهله أو لم يعتد في بيئته على الاختلاط بالناس أو بزملائه، أو المرور بحالة من الإحباط أو الحزن نتيجة فقد عزيز أو الفشل وبالتالي تصبح الحياة سوداوية أمامه، ويصبح غير قادر على مواجهة المشكلات مع الآخرين.
وكذلك لا يمكنه التعبير عن مشاعره أو عما يجول بخاطره، ويظهر بمظهر غير المهتم، أو لا يهتم بالتفاصيل، ويحب الهدوء بشدة، ويرغب دائمًا في وقت هادئ خاص به دون حديث مع الآخرين ودون التركيز، وهذا كله ليس من أجل الهدوء الذى يجلب الإبداع والتميّز، فيكون عرضة وفريسة للفكر الظلامي المتشدد فيغلب عليه تمني الموت ورؤية الظلم والظلام فيذهب عقله للانتحار، ولكن يختلجه صراع حول حرمة الانتحار وبين رفض الحياة فلا يجد إلا التأويل الشرعي المستساغ عنده وهو الاستشهاد ليستريح من الدنيا وليكسب الآخرة، وهذا أمر لا حل له إلا بعلاج المتخصصين دينيًا وطبيًا ونفسيًا من أجل تطوير مهاراته الاجتماعية وتحسين قدرته على التكيف وتعزيز احترام الذات ولزيادة الثقة بالنفس والتعامل مع مختلف المواقف الاجتماعية والتخفيف من الخوف من مواجهة الآخرين والعيش في بيئة صحية وآمنة.
ومن الخطأ أن نجد بعض الآباء والأمهات لا يهتمون بصفة الانطوائية والعزلة عند أبنائهم، بل منهم من يفخر بذلك، وهذه الصفة قد تكون مذمومة إذا كانت تعطل الأطفال عن ممارسة حياتهم بكفاءة وفعالية فيجب الانتباه لهذه الصفة إذا ظهرت عند الأطفال وفتح قنوات الحوار ومعرفة أسبابها لعلاجها قبل ما تتفاقم حتى ينشأ جيل واعٍ بقدراته ومدركًا لذاته ومحبًا لوطنه.