انتشرت مؤخرًا ألعاب إلكترونية قاتلة كالحوت الأزرق وببوجى ومومو وغيرها، وقام البعض بتحميل المسئولية لبعض المؤسسات الأجنبية لأنها تدير مؤامرة لتدمير أطفالنا، وآخرون طالبوا بمنعها وغيرهم قالوا لا مفر من وجودها لصعوبة منعها، ولكن العلاج يكون بتوعية الشباب والأطفال بخطورة هذه الألعاب.
وفى حقيقة الأمر أن الاقتصار على هذه الرؤى أمر ناقص وفى منتهى الخطورة فقد تجاهلت هذه الآراء السبب الحقيقى لانتشارها وهو غياب التفاهم بين الناس، فالطفل يقلد أمه وأبوه والمدرس فى المدرسة، الجميع يتعاملون مع الخطأ بالعقاب والانتقام كرد فعل، فأصبح الطفل مقتنعًا أن العنف هو الوسيلة المنشودة للوصول للهدف! فجاءت الألعاب لتنظم وترسخ طرق الانتقام.
والمتابع لمخاطر هذه الألعاب لا يجدها تقف عند المرح والتسلية وتضييع المال والوقت فقط، بل تمتد للتطبيق على أرض الواقع؛ فممارسة هذه الألعاب الإلكترونية حتى لو كان بحب الاستطلاع فإن الاندماج والاستمرارية فيها راجع لضعف تحصيننا للأطفال؛ بمعنى ضرورة التحصين والوقاية ولا ننتظر وقوع المشكلة ونطالب بمنعها.
والتحصين الأمثل يكون بزرع قيم الحوار والتفاهم غير القائم على العنف من خلال تحسين العلاقات الأسرية والزوجية، وبث روح التسامح والتعاون، والعمل على نشر الهدوء والاطمئنان داخل الأسرة، ومفتاح ذلك أن يكونا الوالدين قدوة لأطفالهم، وأن يكون العقاب بحذر ليس فيه انتقام أو غل، بل لتعريفه الخطأ وعدم تكراره، ومع السماح للأطفال بالتعبير عن مشاعرهم وأحاسيسهم دون خوف أو خجل، وكذلك فعلى الوالدين الاهتمام بمعالجة أى أمراض عضوية تسبب عصبية الأطفال مع الاهتمام الجيد بالنوم الصحى والكافى وبالغذاء السليم، مع الاهتمام بالهوايات البدنية أو اليدوية الأخرى التى تنمى ذهن أطفالهم والتى تساعد على بناء ذكائه ويفرغ فيها طاقاته بصورة إيجابية، وتعلمهم الصبر وطول البال والصفات الإيجابية والهادئة، مع محاولة إبعاده عن رفقائه المتعصبين سواء زملاء أو أصدقاء، والعقاب إذا اقتضى الحال، ورفع الأمر للجهات المختصة إذا لزم الأمر، مع الحرص على مشاركة الأولاد فى المناسبات المختلفة والاختلاط مع جميع الأعمار سواء الكبار أو الصغار تحت إشراف الأسرة ومتابعة ذلك عن بُعد.