لم يكن يعلم محمد السباعى، الذى كان مُتعمِقا فى الآداب العربية شِعُرُها ونثرها والمترجم لها أيضاً من اللغة الإنجليزية وأشهرها "رباعيات الخيام"، عندما بدأ روايته "الفيلسوف" أنه لن يُكملها وأن ابنهُ سيُكمِلُها كتابةً وفعلاً.
فارس الرومانسية، فلابد أن نذكر "إنِّى راحلة"، "نحن لا نزرع الشوك"، "ناديه"، "بين الأطلال"، وفى الوطنية "رد قلبي" و"العمر لحظة"، وإذا ذكرنا السخرية فلابد أن نذكر "أرض النفاق"، وإذا ذكرنا الأدب والثقافة فلابد أن نذكر وزيرها وراعيها الذى كانت له اليد الطولى فى إنشاء "المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية"، "نادى القصة"، و"جمعية الأدباء" بسبب علاقته الوطيدة بالزعيم الراحل جمال عبد الناصر، الذى كان السباعى الوحيد الذى يستطيع أن يقابله فى أى مكان وزمان دون تحفظات أو مواعيد مُسبقة.
أديب مصر وشهيدها يوسف السباعى الذى أبخسه النقاد قدره بأن صنَّفوه على أنه كاتب قصص وروايات رومانسية فقط تخاطب شريحة معينة من الشباب فى زمن معين قد مضى وولّٓى، وأصبحت لا تتماشى ولا تتناسب مع عصر الانفتاح وما بعده وقد عبّٓر هو بنفسه عن هذا الرأى فى مجموعته القصصية "ليلة خمر"، التى كتبها قبل ثورة يوليو ١٩٥٢ ونشرت عام ١٩٥٣، وفى القصة القصيرة التى تحمل عنوان " وطن يحتضر " عندما قال له صاحبه "أراك مُغرِقاً فى أوهامك المعسولة ممعناً فى الكتابة عن الهوى والعُشَّاق" فكان ردَّهُ "أن كلمات النصح لن تغير ما بقومى، بل ستُزيد النوَّاح نائِحاً، والباكيِن باكياً!! ولخير لقومى من نَوُح باكِ.. ترِنُّم شاد".
ورغم ذلك لم يمنعه هذا الرأى من التعبير عن فلسفته ورأيه فى الحياة والحُبِّ والغوص فى أعماق النفس البشرية ليكشف عوراتها ونقائصها، ففلسفته فى الحُبِّ واضِحَةٌ جَلِيَّه عبَّر عنها فى مجموعته القصصية "من العالم المجهول" و فى قصة "شبح فى فراش" حيث قال "خيرٌ للإنسان أن يُحِبْ يوماً ويموت بعده، مِنْ أن يعيش دَهراً دون أن يطرِق الحُبٌّ قَلْبِه " . أما عن فلسفته فى البشر و"خبايا الصدور" عبّر عنها فى مجموعته القصصية التى تحمل نفس الاسم "آه من هؤلاء البشر وآه من خبايا صدورهم.. لو استطعنا أن نخترق حجبها لولينا منهم فراراً و لملئنا منهم رُعباً".
وأما عن السرقة كان رأيه كما جاء فى مجموعته القصصية "ليلة خمر" وقصة "من تحت لفوق" : "وأما من حيث النوع فبعد أن كانت السرقة سرقة المحتاج، فقد أضحت السرقة سرقة الطامع الجشع.. لقد أضحت هواية.. لقد كانت الحاجة إلى المسروق تكسر حدة الشر وتوجِد للسارق عُذراً.. أما الآن فقد أضحت السرقة سرقة صميمة وشراً مٌركزاً".
يوسف السباعى حاول من خلال رواياته وكتاباته رسم ابتسامة على وجوه قُرائه، وكانت سخريته وحديثه الشيِّق المُبهِج سراً عظيماً من أسرار جاذبية شخصيته " كاريزمته".