فى الأيام الماضية شهدنا بعض الحوادث التى ينتحل فيها المجرمون صفة ضباط الشرطة، ويقومون إما بعمل أكمنة فى الطرق السريعة واستيقاف السيارات وتفتيش أصحابها وركابها بغرض سرقة ما معهم من نقود أو مشغولات ذهبية أو اقتحام شقق المجنى عليهم مع الساعات الأولى للصباح، للبحث عن جوازات سفر مزورة أو مستندات ما على حد زعمهم، وكان آخرها تلك العصابة التى تخصصت فى سرقة الأجانب أو خطفهم وقتلهم والتى يشتبه أنها من كانت وراء مقتل الإيطالى "ريجينى"، وبالرغم من كثرة ما كتب بالجرائد فى الابواب التى تتيح للقراء الإدلاء بآرائهم فى مثل هذه المواضيع وغيرها طوال السنوات الماضية، إلا أن المواطن مازال يخاف من الشرطى ومازالت صورة الشرطى سواء كان ضابطا كبيرا أو خفيرا بسيطا تخيفه وتبعث فى قلبه الرعب، مما يضطره إلى المسارعة بإرضائه وتنفيذ أوامره حتى ولو كانت إخراج كل ما فى جيبه وإعطائه له من قبيل الباب اللى يجيلك منه الريح سده واستريح، كما شاهدنا فى الفيديو الذى أذاعه أحمد موسى فى صدى البلد؟؟.
ونحن لا نستطيع أن ننكر الجهود المشكورة لإقامة علاقة طيبة بين رجل الأمن والمواطن من خلال التوجيهات الدائمة من السيد وزير الداخلية للسادة الضباط بضرورة المعاملة الطيبة للجمهور، ولكننا نتعجب من المواطنين الذين يختلط لديهم مفهوم الخوف والرهبة بالهيبة والتعظيم وشتان ما بينهما من معان.
فالخوف كما جاء فى المعجم الوجيز هو توقع حلول مكروه أو فوت محبوب، أما الهيبة فهى الإجلال والتعظيم المصحوبان بالحب والتبجيل والمفروض أن الشرطة فى خدمة الشعب وما دامت كذلك فهى لن تفوت على المواطن الشريف محبوبا ولن تحل به مكروها، فعليه إذن أن يجل ويعظم كل من ينتمى إليها لا أن يخافه ويخشاه حتى يستطيع أن يتعاون معه بما يعود بالفائدة على الوطن فى النهاية، لأن أمن الوطن مسئولية مشتركة بين الشرطة والمواطنين وحتى يستطيع رجل الأمن تشجيع المواطن على احترامه وليس الخوف منه، وعليه أن يبادر هو من تلقاء نفسه بإبراز بطاقة التعريف ولا يبدى استياءه أن طلبها منه المواطن بأدب، ثم إذا اقتضى الأمر استجواب المواطن تحريا عن أمر ما، فليكن ذلك فى أقرب قسم شرطة لا فى الطريق أو منزل المواطن، ولندعو المواطنين من خلال قنوات الإعلام جميعها ألا يخضعوا لتفتيش أو استجواب خارج أقسام الشرطة ولا مانع من معاملة المواطنين كأباء أو أخوة أو أبناء حتى ولو كانوا متهمين، فالمتهم برىء حتى تثبت إدانته كما يقولون، فإذا تعمق مفهوم الهيبة واختفى مفهوم الخوف قلت فرصة انتحال المجرمين لصفة ضباط الشرطة وأمكن للمواطن العادى اكتشاف من تسول له نفسه فعل ذلك، وفى الأخير أوجه التحية لكل أفراد الأمن الساهرين على راحة الجميع.