مصطفى نصر يكتب: الأدباء أرباب المهن

المهنة تؤثر على الشخص فى معاملاته حتى خارج نطاق عمله، فالخياط الذى يبل أصبعه ويمر به على الفتلة لكى يدخلها فى سم الإبرة من وقت لآخر، يبل أصبعه وهو واقف فى الشارع يتحدث مع أصحابه؛ دون أن يحس. ويسكن بجوار بيتى خياط بنطلونات، طوال جلسته فى الشارع ينظر إلى بنطلونات الرجال المارين أمامه، يحدثك وعينيه على بنطلونك. والحلاق يحدثك وهو ينظر إلى شعرك، خاصة لو كنت تحلق لدى حلاق غيره، وهناك من الأدباء من له لزمة فى الكلام نتيجة عمله بالتدريس مثل الذى يقول بين عبارة وأخرى كلمة (بس بقى.، وبعدين ..) مما يشير الى أنه كان يقولها للطلبة تمهيدا لاستكمال الشرح. بالطبع لا أقصد أن كل نظار المدارس يتصرفون مع الناس بهذه الكيفية المغالى فيها، لكن أقصد أن تأثير المهنة تؤثر على المعاملات مع الآخرين – خارج مكان العمل - ولكن بدرجات متفاوتة. وأذكر أننى كنت راكبا أتوبيس مع صديقى محمد عبد الله عيسى، وعند جامع سيدى بشر، تعطل الأتوبيس للحظات، ونظرنا من النوافذ فإذ الممثلة العظيمة سناء جميل وآخرون يمثلون فى الشارع، فقال محمد عبد الله عيسى: - ما تيجوا نمثل فيلم . ونظر إلى راكب يلبس بذلة كاملة، ونظارة غامقة وقال له: - حاديلك دور مدرس، شكلك يدل على أنك مدرس. فقال الرجل فى صوت خافت وفى حياء: - أنا فعلا مدرس ويقول عبد العليم القبانى فى كتابه " مع الشعراء أصحاب الحرف " عن مهنة الخياطة وعلاقتها بالكتابة: شكا لى سعيد بدر يوما من أنه لا يكسب من الأدب، بل ينفق عليه كثيرا، فقلت له: - لقد كسبت كثيرا من الأدب. - كيف؟ - ممارستك للأدب جعلت تصرفاتك راقية ومهذبة، وهذا يفيدك حتما فى معاملاتك مع زبائنك. وهذا حق، فقد جاء الإذاعى الكبير جمال توكل إلى بيت سعيد بدر فى برنامج " أنا من هذا الحي" وحضر اللقاء: المستشار فوزى الميلادي، ودكتور صيدلى صاحب صيدلية كبيرة فى شارع التتويج، ومستشار يعمل فى مكتب المحامى العام، وتحدثوا عن حى بحري، وقال لى المستشار فوزى الميلادي: - أن سعيد بدر كان أفضل المتحدثين، ومما تحكيه كتب التراث: أن الشاعر يحيى بن عبد العظيم الجمال أبو الحسين؛ كان جزارا، وقد سار مع أصدقائه الشعراء، يتحدثون عن الشعر والكتب، إلى أن وصلوا إلى دكان جزار فرحب بهم فهو يعرف أبو الحسين، ورغب أحد الشعراء أن يشترى لحماً، فقال الجزار – صاحب الدكان -: - ما دمت صديقا لأبى الحسين، فهو الذى سيقطع اللحم لك بنفسه. أراد الجزار أن يُكرم صاحبه أبو الحسين، فسلمه السكين ليختار لصديقه الشاعر أجود أنواع اللحم، لكن أبا الحسين، ما أن أمسك بالسكين حتى غلبت عليه مهنته، فاختار أسوء قطعة لحم لزميله.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;