نحتاج السماع إلى بعض أنغام الموسيقى لكى نفارق أحزاننا ونهرب من أوجاعنا وهمومنا. يا ليت اللحن لا ينتهى، يا ليتنى جزء من هذا اللحن حتى أستطيع أن أجيد لحن الحياة.
ذكريات فارقناها ولكنها لم تفارق عقولنا، كان منها المبهج وكان منها المحزن، يا ليت أحزاننا أضحت منسية نتذكر منها ما يسعدنا لا ما يؤرقنا.. فحين نتذكر الماضى وبالأخص الماضى المظلم نئن ونتألم فما أصعبه عذاب وما أصعبها آلام.
وعندما أجلس وأنا أتصفح ألبومات ذكرياتى ابتسم للصور وفى داخلى أنين لفراق الأحبة، كم من أيام مضت وكم من العمر انتهى ونحن على فراق، يا ليت الأيام تعود فإذا عادت سأمكث مع أحبائى كل الوقت ولن أكدرهم أبداً، لو كنا نعلم معانى شتى لاستطعنا أن نقدر الأشخاص فى الوقت المناسب.. ولكننا ننخدع بما هو مبهر دون العلم بخباياه، والأشخاص الطيبون نطلق عليهم السذج ولا نعلم ما يكنونه من طيب خاطر وحسن ظن.
يا ليتنى كنت أعلم المزيد من لغة الحياة لشققت دربى السليم وبعدت عن كل ما يجلب لى التعاسة.. ولكن هكذا تكون الحياة نفهمها عندما نبلغ من العمر أرذله.. كم من عمر مضى مع أشخاص لا يستحقون، وكم من عمر مضى ونحن مع أشخاص لم نوفيهم حقهم.. يا ليت رؤيتنا كانت جلية عندما اختارنا من سيكمل معنا رحلتنا.. فالشمس قد غربت معلنة عن انتهاء يومها و تركتنا نئن فى الليل لفراق الأحبة.
لقد رحلت الشمس كما رحلوا الأحبة فلم يبقى شىء فى الحياة له قيمة بعدما فارقناهم، فالماء قد ركد والعشب قد جف والحياة أصبحت لا تحتمل. يا ليتنا ودعناهم وداعاً يليق بهم . يليق بكل تضحياتهم لنا و بكل ما بذلوه جاهدين لاسعادنا... لم تعد الحياة كما كانت كل شئ تغيرْ، لم يعد كل شئ على ما يرام فالنفوس تغيرت و لم يعد لها لذة الزمن الجميل. لقد سكبت قهوتى و انا احادثكم حتى قهوتى ترفض الاستمرار فى فنجانها ... يا ليتنى انا القهوة التى تمردت على الفنجان تمردت على الذين لا يستحقون أن نهب لهم الحياة و ستظل النفوس الطيبة فى ذاكرتنا إلى الأبد ..و يظل لحن الحياة مستمر غير مكترث بأنين البشر و تظل أنغام الموسيقى تبهرنا رغم ما ورائها من اسرار.