يولد الأمل من رحم الألم دائمًا... تخٌلف العَبرات أعظم العِبرات...هكذا هو أقدم دستور عرفه الإنسان، المأساة هي بداية الإصلاح؛ شعار يلوح في الأفق في إصلاح مرفق السكة الحديد، ذلك المرفق الذي أقيم في مصر في عام 1851 م كثانٍ بلد في العالم تستخدمه وكأول دولة في إفريقيا والشرق الأوسط حينذاك، تحديات كثيرة تواجه المهندس كامل الوزير وزير النقل الذي قرر أن يواجهها بآليات المؤسسة التي عمل بها لعقود كثيرة؛ آليات الحزم والحسم والتطهير.
إن التحديات التي توجد في مرفق السكة الحديد لا تختلف كثيرًا عن التحديات الموجودة في كل مرافق الدولة المصرية ومؤسساتها، ولكنها تحديات ملحة ولابد أن يتم حلها في وقت وجيز لأنه مرفق حيوي للغاية.
أما بعد ذلك فيأتي الفساد ليكشر عن أنيابه لكي لا يستسلم بتلك السهولة ويرحل، فالتحدي الحقيقي في محاربة الفساد هو محاربة عدو مجهول، يتنكر في أكثر من ثوب وبأكثر من شكل، إن كان الفساد نمطًا واحدًا معروفًا يسهُل التخلص منه بخٌطة واحدة، ولكن الحقيقة أن الفساد أنماط كثيرة بل يبدع الفاسد في تشكيل أنواع جديدة من الفساد لكي يخفيه عن الأنظار مستخدما كل المهارات العقلية الخبيثة لتشكيل مجموعة منوعة من الفساد المالي والإداري وخلق الثغرات وترتيب الأوراق وستر العوار، ليصبح فضح ذلك الفساد المستور بين ثنايا الأوراق والمواقف هو التحدي الأعظم على الطلاق أمام مسئول اتخذ على عاتقه تلك المهمة وعقد النية على ذلك.
تأتى المشاكل الفنية والتقنية بعد ذلك في المقام الأقل صعوبة، فالمشكلات الفنية وتدريب الأيدي العاملة فنيًا أمر ليس بالغ الصعوبة طالما وجد الاستعداد لذلك لدى العنصر البشري، ولكن يتمركز التحدي هنا في التقاعس وغياب الحماس واللامبالاة التي أصبحت تلتهم طاقتنا الايجابية وحماسنا وهممّنا التي هي سر النجاح بداخل الإنسان المصري.
وبرغم كل التحديات التي تواجه مرفق السكة الحديد ، لازال الكثير من الأفكار الإبداعية تنتظر ذلك المرفق لتطويره؛ على رأسها الدعاية وجذب المعلنين لاستغلال المحطات والجرارات للدعاية والإعلان مما يجمل شكل المرفق ، التخلص من المزلقانات التي تهدد حياة المواطنين على قدر المستطاع ، الاستعانة بكفاءات بشرية من المهندسين والجامعيين وليس الفنيين فقط ، تعديل التشريعات المعطلة والقوانين القديمة الخاصة بالسكة الحديد
مما سيحسن الكثير من أحوال ذلك المرفق ليستعيد قيمته كما كان مقدر له منذ نشأته.
د\ماريان جرجس