لم يكتف ترامب بممارسة التجارة والسياسة والتدخل فى الشئون الداخلية للبلدان ورسم سياساتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكذلك اجراء الصفقات والاتفاقيات بين الدول فيما بينها بل بين الدول من جهة والعصابات والمليشيات والجماعات المسلحة من جهة اخرى، بل ذهب الى ابعد من ذلك فقام بمنح ومنع الشرعية عمن يشاء ولمن يشاء حسب المصالح والأهواء، ولا ادل على ما أقول من منح الشرعية لإسرائيل على القدس بالأمس واليوم يمنحها أيضا أرض الجولان العربية السورية، ولعل هذه صفقة بقاء نظام الاسد فى الحكم فلا أدرى.
وفى كل الاحوال قد أضاف ترامب مهنة الرسم إلى مهنه السابقة وأعاد رسم خارطة الشرق الاوسط الجديد بريشته الناعمة تارة والخشنة تارة أخرى، الصورة لم تكتمل لكن ستبينها لنا الايام المقبلة بشكل واضح وجلى لا أحد يعلم هل سيقسم سوريا بين اسرائيل والاكراد والمعارضة والنظام وهل سيبقى العراق على حاله ام ريشته لها قول آخر وهل سيمنح إسرائيل أرض سيناء وهل سيضيف لها جنوب لبنان وهل سيغير النظام فى ايران وفنزويلا وكيف سيتعامل مع زعيم كوريا الشمالية وغيرها من ملفات شائكة معقدة؟.
ولا يفوتنى أن اذكر الرسم والتخطيط الامريكى - الاسرائيلى فقد كان دقيقا ومحكما، ففى وقت توقيع واعتراف ترامب بشرعية الجولان لإسرائيل كانت الصواريخ والقذائف الاسرائيلية تمطر غزة بلا هوادة ولا رحمة وعلى ما يبدو بموافقة حمساوية لإشعال حرب جانبية تصرف العرب وتشغلهم عن القضية الاساسية قضية الاعتراف الامريكى بسيادة اسرائيل على ارض الجولان الممهد للاعتراف الدولى بذلك، فالعالم ينتظر وينظر الى ريشة ترامب وما سترسمه.