كان فوزى وإيهاب، وممدوح زملاء عمل فى جهة ما واحدة، وكان مدير المنشأة ذو شخصية حازمة ويحب النظام فى العمل ويجازى من يخالفه.
وفى يوم طلب المدير من السكرتارية الخاصة به أن تطلب من الأستاذ إيهاب أن يحضر له فى مكتبه لمناقشة أمر يخص سير العمل، وعند إبلاغ إيهاب بهذا، أصبح إيهاب شديد الارتباك، وبدا عليه القلق وعند سؤال زملائه له عن السبب، فقال، طلب أن يقابلنى المدير الآن، فقالوا وما المشكلة فى هذا، رد، ألم تلاحظوا شيئا أنا لسوء حظى لم ارتد الملابس الرسمية الخاصة بنظام العمل اليوم،
فطلب من فوزى أن يعطى له المعطف الخاص به حتى ينتهى من مقابلة المدير،
فضحك فوزى من طلب زميله، ولكنه لم يتردد وأعطاه اياه، وعندما ارتداه ايهاب فاندهش من الفرق فى المقاس الواضح بين معطفه ومعطف فوزى، فقال، أنت معقول أكبر منى فى المقاس بكل هذا، رد فوزى وقال وأنت معقول مقاسك أصغر منى بكل هذا وبالطبع لفرق المقاس، لم يتمكن فوزى من مساعدته،
ثم نظر ايهاب لزميله الآخر، وقال الدور أتى عليك يا ممدوح لإنقاذى، وكانت المفاجئة الأكبر عندما لم يتمكن ايهاب من إدخال زراعه فقط حتى فى ذراع معطف ممدوح،
وعندئذ بدأوا بالصياح والهرج والضحك بصوت عالى، لاستغرابهم الشديد أن كلا منهم لم يعرف تقريبا مقاسه ولا عنده القدرة بتخيله بوضوح وأخذهم الوقت بالنقاش حول هذا، حتى سمعوا صوت رنين تليفون المكتب يدق مرة أخرى، فنظروا لبعضهم الثلاثة وقالوا فى نفس واحد المدير،
ثم قال فوزى اذهب يا ايهاب يا زميلى إلى المدير ولا تقلق فإذا وقع عليك جزاء اليوم فسوف نتحمله معك انا وممدوح، حيث انى حقا خرجت من هذا الموقف باستفادة كبيرة الا وهى أن أغلبنا لا يملك القدرة على رؤية الأمور الخاصة به حتى يراها بغيره او العكس، فأنت ايضا خدعت نفسك وقولت او توقعت أن مقاسنا سيكون مناسب لك وصدمت عندما وضعت نفسك به وصدمنا معك ايضا،
فما المانع أن كل منا عندما يصيبه مشكلة ما بحياته أن يأخذ برأى أحد من الحكماء القريبين منه المشهود لهم بالثقة فى الحكم على الامور ووزنها، حيث اتضح لنا بالفعل أن الأمور تكون أوضح وأصوب عندما يرى كل منا نفسه بالأخر..،
فليس (خدعوك فقالوا)
بل هنا (خدعت نفسك فقولت)