مهما كان ماضيك مؤلماً فلا تنظر إليه من الجانب المظلم فقط، بل انظر أيضاً إلى الجانب المضىء فيه، فقد كانت هناك لحظات جميلة لا تُنسى، والأجمل منها أن نتفاءل بالغد، ونستبشر فيه خيراً ونتمسك به، لأننا لا نملك طريقاً غيره، فهو أمل جديد كل يوم لتماسك النفس وتجدد الحياة، وأن نسعى إلى بذل قصارى جهدنا لتحقيق أحلامنا، فأى إنسان بدون حلم هو لا شىء. يقول إدوارد إيفرل هيل: «لا تحمل على عاتقك سوى هم واحد، فبعض الناس يحمل ثلاثة هموم: هَم مضى، وهَم يعانونه الآن، وهَم يتوقعونه.»، فأى الهموم تختار أن تعيش فيها؟ ماضيك، حاضرك، أم توقعاتك للغد وقلقك على شىء لم يحدث بعد؟!
ومهما كانت خطواتك بطيئة تجاه هدفك فهذا أفضل لك من أن تظل مكانك دون حركة، فكل خطوة تخطوها تقربك من تحقيق حلمك. ومن أكبر الأخطاء التى نقع فيها التفكير فيما نفعله أنه شىء لا يذكر، وأنه أمر بسيط ولكنه أفضل من أن نقف فى نفس المكان بدون فعل أى شىء.
ضع حاجزاً بينك وبين عوامل التعرية فى الحياة، واجعله سداً منيعاً بينك وبين همومك، ألا وهو اليقين بالله بأن الآت أفضل، فمهما كانت أحزانك ومشاكلك وانكساراتك وانهزاماتك، مهما كانت، فستأتى لحظة جميلة تستشعر فيها أن الله معك ومهما كانت الولادة متعثرة، سوف يرى حلمك النور. يقول سورين كيركغور: " أن الشكل الأكثر شيوعاً من اليأس هو أن لا تكون من أنت".
مهما كانت الأخطار فلا بديل عن مواجهتها فهى معركة خاصة بك وحدك فحياتك رهن ما تؤمن به لأنها كتبت عليك ولا مفر من التصدى لها فتفوقك عليها يفسح المجال لأشياء أجمل وأرقى قد تراها بعد هدوء العاصفة فهى حياتك ملك لك أن أردتها جميلة كانت جنة بعون الله وإن أردتها سوداء باجترارك الأحزان فقد اخترت ذلك بإرادتك الحرة ولا تلومن إلا نفسك.
مهما كانت أحزانك وما أصابك من وهن فرصيدك من القوة والشجاعة والخير والسعادة والتواصل مع الآخرين والأمل لم ينفذ بعد فأجعل يقينك بالله يطمئن قلبك وينعم عليك بالمسرات بأن ما أصابك فهو قدرك وما هو آت أجمل يداوى كل جروحك وصبرك ومع الأحزان كانت أعظم النعم النسيان.
حطم قيود أحزانك مهما كانت أوجاع الحياة، تمرد عليها بعمق فهمك لها وابتسامة الرضا والتفاؤل فمازالت نعم الله عليك تغرد لك، فقط استشعرها وتنفس رحيق الأمل بداخلك مع إشراقة كل صباح فأنت لست بما تملكه ولكن تمنحه للذات والحياة.
لذلك يجب علينا أن نتحكم ونسيطر على أحزاننا وصدى أفكارنا وكل ما يعكر صفو حياتنا حتى ينعكس ذلك على مشاعرنا وأفعالنا، فإذا أردنا التمتع بحياة سعيدة ليست صاخبة، ونتجنب القلق والتوتر والملل والخوف والكراهية..، فلنسقط من حساباتنا فكرة معاقبة أنفسنا واجترار الأحزان أو الشعور القاتل بالذنب كى نتحكم فى جهازنا العقلى بكفاءة ونخطو خطوات واثقة نحو أهدافنا وتحقيق أحلامنا.
مهما كانت أحزانك فلا تجعلها تخيفك من كل شىء ومن أى شىء حتى وإن كان السواد هو اللون الغالب عليها فحتما ستمر عليك قافلة السعادة فكن على استعداد لتكون من أهلها.
لا تنس أن تبحث عن سبب الأحزان بداخلك فقد تكون من قسوة القلوب وكثرة المعاصى والذنوب والخوف الدائم وعدم الشعور بالأمان وعدم الرضا بما وهبه الله لك من نعم أو النظر إلى ما فى أيدى الآخرين أو حسد أو اتباع خطوات الشيطان. يقول ابن الجوزى: " الذنوب تغطى على القلوب، فإذا أظلمت مرآة القلب لم يبن فيها وجه الهدى، ومن علم ضرر الذنب استشعر الندم".
مهما كانت أحزانك ابحث بداخلك عن لآلئ ذاتك وأسعد بها وطورها وتفاعل بها مع من حولك وانشر عبير ورودك وغرد بأحلامك وعش اللحظة بل ارتقى بأحزانك بأن تصبر وتحتسب الأجر فيما تمر به وكن على يقين بأن الآت أفضل تسعد بحياتك. يقول د. مصطفى محمود: "أن السعادة ليست حظاً، ولا بختاً، وإنما هى قدرة.. أبواب السعادة لا تفتح إلا من الداخل.. من داخل نفسك.. السعادة تجيئك من الطريقة التى تنظر بها إلى الدنيا، ومن الطريقة التى تسلك بها سبيلك".
افتح بابك لنسمات الخير والسعادة واستشعر هدايا الرحمن عليك وقت المحن ولا تترك تقربك وتعبدك لله فهو زادك للتصبر، وقم بما ينفعك فى دنياك وآخرتك فالإنسان خلق فى كبد ولله فى كل أموره لطف وقت الابتلاء وقد يكون القليل منا من يتدبر ويتفكر ويستشعر ذلك فيسير فى الحياة وهو يدرك مهامه وقيمته فليس لديه وقت لاجترار الأحزان أو أن يقعده ما أصابه حادث ما عن رسالته فى الحياة فكم من دموع كانت سبباً فى تطهيرنا من الداخل وتغيير حياتنا بالكامل. يقول صلاح عبد الصبور: "سنعيش رغم الحزن نقهره، ونصنع فى الصباح أفراحنا البيضاء.. أفراح الذين لهم صباح".