لا تفارقنى ملامح وجهها فى لقائنا الأخير أكاد أحفظ عن ظهر قلب كل تفاصيله كل نظراتها إلى لم تنطق بكلمة واحدة عينها لم تدمع لم تنفعل بالرغم من كلمات الفراق التى قلتها لها كانت تبدو كتمثال جامد فقط، تلك النظرة التى لم أرى مثلها فى حياتى ولم أستطع تفسيرها إلى الآن مزيج من أشياء متعددة، ربما كانت الحسرة والأسف والخذلان، كانت تلك نظرتها الأخيرة نحوى، والآن قد فارقت الحياة وصرت أنا مطارد بتك النظرة فى كل مكان لا أستطيع الهروب منها، تطاردينى أينما ذهبت حتى فى نومى توقظينى فى خوف شديد، وحتى الفتاة التى كانت السبب فى تركى لها أصبحت الآن لا أريدها أصبحت أرى وجهها أيضا يعلوه نفس النظرة التى تخيفنى، لقد كرهتها هى الأخرى ابتعدت عن كل الناس، أصبحت حياتى شديدة السواد أينما ذهبت تطاردنى لعناتها أرى وجهها فى كل الوجوه التى تقابلنى، إنها لعنتى التى أصابتنى ولا أجد لها حلا.
ذهبت إلى قبرها أطلب منها أن تسامحنى، جلست هناك صامتا لا أدرى ما أقوله، لكننى للمرة الأول نمت هادئا بجوار قبرها، جاءتنى فى المنام وقالت لى إن كنت تريد حقا أن أسامحك فيجب أن تشاركنى هذا القبر، هذا هو شرطى الوحيد، وبالفعل لم أتردد، فقد كنت قد يأست من كل شىء حولى فحياتى أصبحت بلا معنى فقد فقدت كل من وما حولى الآن أنا مستعد لفعل أى شىء من أجل أن تهدأ روحى من أجل أن أنعم بالسكينة من أجل راحة النفس التى تمنيتها كثيرا.
صعدت فوق الكرسى والحبل حول عنقى لم أكن خائفا أو مضطربا بل كنت مستريحا لعل هذا هو جزائى أو عقابى الدنيوى على ما فعلت بها وسوف أنعم بالهدوء بعد التكفير عن ذنبى، ها هى حياتى قد أنهيتها، لكننى لا أراها بجوارى فى القبر كما قالت لى بل إن القبر مظلم ظلمة شديدة، وأنا وحيد أشعر بالخوف سمعت صوتها ينادى على من بعيد فأحسست أنها أخيرا قد جاءت إلى حتى نجتمع سويا من جديد، لكن كلماتها كانت غير ما توقعت لقد قالت فى صوت خافت يخيف حتى الأموات (هذا هو انتقامى لقد سلبتنى جنتى التى كنت أحلم بها فى الدنيا بجوارك لقد ضيعت منى كل ما تمنيت وهذا أنت الآن هنا وحيدا فى قبر مظلم لا أمل لك فى شىء حتى نعيم الآخرة قد حرمت منه هذا هو جزاءك) لم أستطع أن أتحدث بحرف واحد، لكن رأيت نفس نظرتها الأولى لكنها الآن على وجهى أنا وليست على وجهها. يا ويلتى مزيد من العذاب الأبدى.