للناس فى حب الإله شرائع وطرق فمنهم من يصلى ويدعى ليلا ونهارا ومنهم من يكتفى بالفرائض، وهناك من يحبه بفطرته يدعو الله دون اختيار الكلمات يدعوه كأنه قريب له أو حبيب بلا وعى بالحجب والمسافات، مؤمنا بأن الله أقرب إليه من نفسه معتبرا إياه صاحبا ورفيقا كما فعل الحلاج قديما فقد رأى الله حبيبا له وقال له "إذاهجرت فمن لى ومن يجمل كلى ومن لروحى وراحى يا أكثرى وأقلى أحبك البعض منى فقد ذهبت بكلى".
لكن للأسف كما يحدث فالعصر الحديث فقد كفروا الحلاج وهو الذى قال إلى الله أحبك البعض منى وحقدوا على نعم الله عليه لأنه وثق به وثق إلى حد الهذيان فوهبه الله الهبات، وحكى عنه أنه كان ابتداء حالة حيث يظهر الزهد والتصوف، ويظهر الكرامات، ويتكلم بما فى ضمائرهم فافتتن به خلق كثير، واعتقدوا فيه الحلول، والجملة فإن الناس اختلفوا فيه اختلافهم فى المسيح عليه السلام: وقالوا إنه ولى الله تعالى، لذلك قاموا بقتله ليقتلوا معه إيمان الناس بوجود بشر لديه القدرة على الاقتراب من الله بكلماتهم البسيطة وبحبه الطاهر.
بالعودة لعصرنا فإن هناك البسطاء وأفعال البسطاء فإن أردت أن ترى الحب الكبير فى نفس الفقير فأذهب للموالد مثل مولد السيدة زينب، حيث يقوم الناس بذكر الله بكلمات تكاد من بساطتها تضحك المثقفين ويقومون بالتمايل يمينا وشمالا متناسين عالمنا المادى تاركين حمولهم وهمومهم على الكريم، حيث يطيرون وهم يرقصون مناديين على "أم العواجز" لكى تساعدهم بكلمات بسيطة مثل "يا أم العواجز وأنا منهم، عالية المقام نظرة ياستى، كريمة يا سيدة زينب"
وكيف لا ينادون عليها وهم فى ذكرى "الإسراء" والتى جبر الله نبيه المستضعف وهو الذى كان يدعوه ويشكو ضعفه وقلة حيلته، وفى ذات الوقت كان يرجو ألا يكون الله غاضبا عليه فهو الذى لا يملك إلا الله فدعمه نفسيا وكان خير معين.
السؤال هنا كيف تعلم البسطاء الرضا بحكم القضاء وترك الملذات والإيمان بالمعجزات وتصديق العلامات الربانية، التى اعتبرها المتصوفة هدية من الله للبشرية حيث سكر المتصوفة فى حب الله، حيث وصفوا علاقتهم بالله بالحبيب الذى يفتقد محبوبه فقالوا كيف للعشاق كتم الهوى ودمع العين فضاح.
الإجابة الوحيدة التى تربط بين الحلاج والمتصوفة بالماضى وبسطاء الحاضر هى حب الإله فالكل، يحب الله، لكن بطريقته الكل يؤمن إيمانا فريدا من نوعه يحقق له السلام الداخلى، بغض النظر عن أولئك المكفرين لغيرهم، فإن العبرة لمن يستجيب له، فى النهاية حبوا الله أحبوه كما تريدون فإن الله يفهم لغة الجميع.