يثار دائماً فى علم الاقتصاد سؤال يعبر عن الوضع السياسى والاقتصادى فى الدولة، أيهما يغلب على الآخر الحالة السياسية أم الحالة الاقتصادية بمعنى آخر أيهما المحفز والمحرك للآخر؟ إن معضلة السؤال ليست فى الإجابة بقدر ما تكون فى انعكاسها على الوضع الراهن داخل البلاد، وبترتيب نتائج تنعكس على الحياة المعيشية للأفراد والنظام الاقتصادى والسياسى فيها، فإذا غلب الاقتصاد على السياسة وكان المحرك الأول لها، أصبحنا بالفعل نخطو نحو التنمية الاقتصادية بينما إذا كان غلبت السياسة على الاقتصاد، كنا أمام مؤشر جد خطير، لأن ذلك يودى بالبلاد نحو سباق محموم نحو القاع والتجارب الدولية والنظم السياسية الاقتصادية خير شاهد وخير مثال وبرهان.
إن المتأمل فى أحوال بلادنا الآن للأسف يرى مؤشرات خطيرة تدق ناقوس الخطر، خوفاً وحباً فى هذا البلاد وطمعاً فى الارتقاء به نحو التنمية الحقيقية بل نحو النمو الاقتصادى، فتغليب السياسة على الاقتصاد ليس بالمسار الصحيح للبلاد فى الوقت الراهن على طريق التنمية وليس له ما يبرره، فللأسف حتى ذلك التغليب ليس بالطريقة الصحيحة للمصلحة السياسية ذاتها، لأنه تغليب بلا رؤية أو هدف، كالطائر الجريح الذى راح يترنح يريد أن يطير ولا يقوى على تحريك جناحية، ربما وضعنا الحالى ومع الظروف الحالية من حرب على الإرهاب وضعف فى قوى التنمية نتيجة لفساد السنين الماضية، أضعفنا اقتصادياً، فذلك وبكل تأكيد يدفعنا نحو تغليب الاقتصاد على السياسة . فبنظرة بسيطة على التغيير الوزارى والبرنامج الحكومى أمام البرلمان نرى وبصوره جلية انعدام للرؤية والتخطيط الواضح للأهداف والاستراتيجيات الاقتصادية التى تهتم بالظاهر فقط وتمهل القطاعات الاستراتيجية للدولة، فأين خطط الوزارة من قضية المغتربين وانعكاس ذلك على أزمة الدولار؟ أين الصعيد منبع الخير ورمز العطاء من تلك الأهداف والخطط التنموية؟ وغيره الكثير التى لم تأخذ الحكومة منه أى موقف أو تعطى عنه أى فكرة ! .
سيدى الرئيس ليست الإشكالية تغيير الأشخاص ولكن المشكلة الحقيقية هى تغير السياسات التى تحقق التنمية الاقتصادية، فالتنمية لا تتحقق بالإعلام والتسويق للمشروعات الوهمية ولكن بالفكر والعمل والإنتاجية. حفظ الله مصـــر من كل مكروه وسوء.