إن تدريب الطفل من أول يوم على التعبير عن مشاعره وأحاسيسه من الفروض الواجبة على المربين والآباء والأمهات تجاه الطفل، وليس المقصود من تعليم الطفل ذلك تدريبه على الحب والعشق تجاه زميلته فى الروضة أو المدرسة، بل نقصد تعويده عن التعبير عن مشاعر الرأفة والرحمة والمودة تجاه الناس والإحساس بهم وبعواطفهم، وكذلك كيفية تعليمه إظهار غضبه وحزنه وسعادته.
وغياب هذه المشاعر بشكل صحيح يرسخ ويهيأ الفرصة للسلوكيات المتطرفة، فيصبح الطفل عندما يكبر مليئًا بالجفاء تجاه الآخرين ولا يقبل اختلاف وجهات النظر، فيكون متبلدًا فى عواطفه وغير رحيم بالآخرين وهى صفات المتطرف المعروفة بل والمذمومة.
وغياب هذه الصفات عند الطفل منذ البداية منشأه الاعتقاد والتطبيق الخاطئ من الأسرة والمربين تجاه الطفل؛ فللأسف يرى كثير من الناس أن الأطفال كائنات منزوعة الأحاسيس والمشاعر بزعم أنهم صغار، بل فى الحقيقة يكون وجودها عند الصغار مثل الكبار تمامًا إن لم تكن أكبر، لكن الطفل لا يستطيع إظهارها؛ ولذلك يظن البعض خطأ بعدم وجودها، ويظهر ذلك فى عدم الاهتمام بمشاعر الطفل عندما تنفجر البالونة أو الكرة التى يلعب بها أو تنكسر لعبته أو يموت طائره أو حيوانه الأليف؛ بل الأخطر من ذلك سخرية الآباء والأمهات من ذلك والشماتة فى الطفل.
ويمكن وضع روشته سهلة التطبيق وميسرة للآباء والأمهات لتدريب الطفل من صغره على اكتساب المشاعر والأحاسيس وتنميتها، وذلك من خلال تجربتى فى مجال تعديل السلوكيات المتطرفة عند الأطفال والشباب فى معالجة مثل هذه الحالات وهى: امدحوا وشجّعوا الطفل عندما يتحدث عن مشاعره وأحاسيسه وابتعدوا عن إنكار مشاعر الطفل عند انكسار لعبته أو وقوعه وغير ذلك، واستمعوا للطفل ولا تكبتوا مشاعره، وكونوا قدوة أمامه ولا تبالغوا ولا تمثلوا فى مشاعركم تجاه الآخرين، وأعطوا ردودا قائمة على حسن الظن لتصرفات الطفل الخاطئة ومشاعره، واستمعوا إلى الطفل بانتباه تام بدلًا من نصف انتباه، أى لا تشاهدوا التلفاز أو تتصفحوا الهاتف وهو يشكو إليكم، أو يطلب شيئًا واحتضنوا طفلكم دون سبب من الحين للآخر ليعرف أنكم تكنوا له مشاعر إيجابية، واعلموا أن البكاء مشاعر فلا تستخدموا العنف فى كبته، وقدموا له الهدايا الرمزية أحيانا والثمينة أحيانًا دون سبب ليتعلم الكرم معكم ومع الآخرين.