اعتدنا أن يكون السراب رؤيتنا للماء فى الصحراء بعد يوم مرهق مشمس حار انتهى بالظمأ ونفاذ الماء، لذا يعمل عقلنا على خلق وهما لما يريده (نريد الماء بشدة فنتخيله).
كذلك الأمر فى صحراء المشاعر، عندما نحب من يمتلك مشاعرا جافة جرداء كالصحراء لا يحوى الحب بين رماله وجباله، مخيف وموحش لافتقاره العاطفة كما تفتقر الصحراء الضوء فى ليلة ظلماء لا قمر فيها.
الحب من طرف واحد أقصى انواع الحب، ففيه يقابل حبنا بالجفاء، والعطاء بالخذلان، تبيت قلوبنا باكية تتوارى وراء ابتسامة شحباء لا روح فيها ولا حياة كوردة زرعت فى عمق الصحراء، فماتت لعدم وجود الماء.
عندما تقع فى حب شخص متحجر المشاعر تكون كمن توغل فى البيداء، باحثا عن واحة خضراء، ولكنه فى نهاية المطاف مات صريعا على احدى الصخور القاسيات، تمزق قلبه وجفت دموعه، ورحل الحب تدريجيا من داخله كما ترحل الحيوانات من الأرض الجدباء.
السراب ليس فقط فى القفار إنما أيضا فى المشاعر الصماء الموجودة فى صحراء القسوة والجفاف.
حين نحب من لا يحبنا عندها نغامر كمن لحق سرابا ثم هوى من فوق الجبال.