داليا مجدى عبد الغنى تكتب: تحليل صورة حب كاملة

هناك أسباب كثيرة تجعل الإنسان يبحث عن الحب، رغم أنه يعيش فيه، منذ خروجه إلى الحياة، فالإنسان يُولد في أحضان أمه وأبيه، ثم ينعم بحب الأشقاء، فالأصدقاء، وأحيانًا يحظى بحب زملائه في العمل، وهناك من منحهم المولى عز وجل نعمة القبول، فيدخلون قلوب كل من يتعاملون معهم، وهكذا يخرج من دائرة حب، ليدخل في دائرة حب أخرى، ولكنه رغم ذلك يبحث عن الحب العاطفي، الذي يربطه بالجنس الآخر. هل تعلمون السبب؟! كثيرون سيقولون إن هذه هي طبيعة الإنسان، حيث إنه دائمًا ما ينجذب إلى التكوين المُعاكس لتكوينه، لذا يبحث عن الجنس الآخر، وآخرون سيقولون من أجل استمرارية الحياة والبقاء، بدليل أن الله خلق حواء لآدم، وغيرهم سيقولون لكي يُرْضي غريزة الغرور بداخله، وهي بشعوره أنه مرغوب من الجنس الآخر. وكل هذه أسباب وغيرها، حقيقية ولا غبار عليها، ولكن هناك سبب آخر خفيّ بداخل كل إنسان، فكل الأسباب السالفة، قد تكون أسباب سليمة ومنطقية جدًا، للارتباط والزواج، وغيرها من صور لتكوين الأسرة، ولكن "الحب" شيء آخر، فالإنسان قد يتزوج، ورغم ذلك يظل يبحث عن الحب، وقد يرفض الزواج، ولكنه من المستحيل أن يرفض الحب، ليس فقط لأن الحب قدر، ولكن السبب الحقيقي، أن بداخل كل منا طفل ضعيف غرير، يريد أن يصرخ ويصيح بأعلى صوته، كما يتمنى أن يجري ويُهرول بلا قيد، وأحيانًا يحلم بأن يضحك ضحكًا هيستيريًا بلا وعي، أي لديه كل أحلام وتصرفات الطفولة، ولا يُمكنه أن يُحققها، أو يستمتع بها بمفرده، فيبحث عمن يعيشها معه، دون أن ينتقده أو يستهتر به، أو يستخف به وبعقله، والشخص الوحيد الذي بإمكانه أن يعيش معك كل هذه الأحاسيس المتناقضة، ويجعلك تستمتع بها، هو الشخص الذي يُحبك وتُحبه، بدون أسباب أو أهداف، فهذا الشخص هو أول من تبحث عنه في لحظات ضعفك، لكي ترتمي في أحضانه، ولا تخجل من إظهار أضعف ما فيك أمامه؛ لأن قمة ضعفك أمامه ستتحول إلى قوة، لأنه لن يُشعرك بضعفك، بل سيحتويك، ويحنو عليك، ويمسح دموعك. ولكن للأسف، هناك قصص حب، كانت تبدو من الخارج في قمة الجمال والرقة، وكانت لابد أن تستمر، ولكنها تفشل فشلاً ذريعًا، والسبب أن الطرف الآخر أحيانًا يُجبرك أن تكبح جماح حًزنك، وتضحك أمامه، في حين أنك تبكي من الداخل، وتتظاهر بمنتهى القوة، حينما تكون في قمة الضعف؛ والسبب أنه رفض احتواءك، وتخلى عنك في لحظات ضعفك، واستهتر بمشاعرك في قمة فيضانها، فاضطرك لإظهار ما لا تُبطن، وتدريجيًا تشعر أنك تعيش بوجهين، لا علاقة بينهما، وكأنك مريض شيزوفيرنيا، ولكنها انفصام واعي ومُدرك، فكل شخصية تنتبه عند استيقاظ عزيمتها، لكي تقول لها أنتِ كاذبة، وتقولين غير ما تشعرين به، فهنا يُقرر أن يُنهي هذه المهزلة، ويعيش على طبيعيته، وبوجه واحد فقط، ويظل يبحث عن الشخص الذي يجعله يقول ما يشعر به، ويرتمي في أحضانه في لحظات ضعفه، وعندما يجد هذا الشخص لا يتوانى للحظة أن يقول له: "بحبك"؛ لأن الحب يظهر في لحظات الضعف، فأنت في ضعفك تكون بحاجة له، أما في قوتك، فأنت لا ترى إلا نفسك، ولا تسمع غيرها، وتكون قادرًا على احتواء كل من حولك، فما حاجتك للحب إذن. وأخيرًا، إذا أردت أن تحكم على حب، فاختبر نفسك في ضعفك، هل تلجأ إليه ويحتويك، أم تتظاهر بعكس ما فيك، فهذا الاختبار هو أقوى تحليل صورة حب كاملة؛ لإظهار كل ما يُخْفيه القلب.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;