هـــــــا أنــــــا أعود إلى الكتابة.. ذلك الركن الذى لا ينطفئ حنينى إليه.. أغيب عنه ولا أغيب منه ...
دائما أهرب منه وإليه وأهرب منهم أيضا.. بكل مرة خذلتنا الدنيا.. وبكل مرة نقف فى منتصف الأشياء.. أعود كى أسرد خيباتى وانتصاراتهم العظيمة.
ولأعد العشرات من فناجين الشاى والقهوة إلى جوارى تتراص جنبا إلى جنب ..فتملأ كل الفراغات حولى ...
بكل مرة انزلقت من تحت أقدامنا أراضين العالم إلى أسفل كل شىء.. إلى ثقب أسود يمتطى لونا رماديا ...
حينها نتجرد من كل شىء.. من أضوائهم وزيفهم إلى ظلامنـــــــــا الهادئ ذاك الذى يحوينا ...
وتلك الزاوية الهادئة المظلمة.. وتحت ضى قمــــــــر يقارب نصف عمره.. هنالك الإضاءة أخفت والمشاعر أصدق...
حيث الكتابة.. ذاك الشئ الزهيد.. لن يكلفك عناء الكلام كثيرا.. ولن يكلفك عناء التكرار ..وتكفك مللهم وكذبهم وغدرهم.. والأوراق صماء خرساء.. لا مزيد من الصراخ أو أى عبث يذكر ..
فنكتـــــــــب.. نكتب ..لا ليقرأوا هم .. هم لن يفهموا معنى حروفنا كثيرا...
بل نكتب لأنفسنا ..لأجل أن نتذكر .. ولنرقب أحلامنا....
وأيضا نكتـــــــب ..كى ننسى.. وان كنا نتناسى ولا ننسى..
فنفتش عن ذواتنا بين كل تلك السطور فى أوقات أخرى وكيف كنا والى أين صرنا ..
وكم كانت الرحلة طويـــــــلة ممـــــــلة ..وكم تبقى من الرحلة..فنرثى ذواتنا قبل أن يرثينا الزمان ....
وبكل مرة .....تتحمل الأوراق عبء السماع دائمـــــا ..تتر البداية و النهاية....
تلك الأوراق تشبههنا كثيرا..فى صمتها الثرثار ..وفى اتساعها لكل مفردات الغياب.. بذات الرجاء وبذات الندم ..وبذات الأمل وبذات الخوف ...
وبعد أوقات بعيدة ..تستطيع أن تسرد تاريخا طويلا ...فيه ...كنت أنت البطل التعيس السعيد ..الفوضـــوى المرتب...
لذا يمكننى القول بأن كل تلك الفوضــــــــى والعشــــوائية.. فى صورها المنمقة قليلا.. إنما هى صـــــــورة منى ....بل هى أنــــــــــــــــــــــــا .