قابلته ذات يوم على شاطئ اليم , تحيط به زرقة السماء و المياه , كان يركن بجسده على السور الحجرى , سمعته يحدّث طائر " النورس" : و هو ينظر للفراغ : سخيفة تلك الحقيبة التى تحتوينا , يراها الناظر من بعيد كالحة بمرور السنين , يتغضّن جلدها من قسوة الأيام و تعاقب الدهر عليها ..
كلما وقفت أتأملها فى المرآة , يقفز من بين ضلوعى شاب نزق أعرفه و لا يعرفنى , فأتركه يعرّبد كيفما شاء , يلهو كطفل على شاطئ الحياة ببضعة حصوات هى كل ما خرجت بها . ثم صمت طويلاً ,
فهممت بالحديث إليه , لكن صدّنى هاجس أنه يقيم شعيرة خاصة به, فاكتفيت بايماءة من رأسى , قابلها بضحكة طفل يستقبل موج البحر لأول مرة , فتركته فى عالمه , أيقنت أن الحياة مسافة صغيرة بين شقاوة طفل و شقاء العيش.