أستيقظ كل يوم على صوتها وهى تداعب نافذة غرفتى الصغيرة جدا والمفتوحة دائما، كنت أضع لها الماء وبعض الحبوب، لكنها تصر على إيقاظى، فاجأتنى فى المرة الأخيرة وهى تحمل الحب فى فمها الصغير لتضعه أمامى على النافذة وكأنها دعوة منها لاقتسام الطعام والصباح وكل شىء فى أيامى المكررة، تفاءلت بها كثيرا وكأنها أتت من عالم بعيد تذكرنى بأن هناك من ينتظرنى، يشتاق إلى، يتحسس رائحتى، فشعرت بروح محبوبتى تحملها السلام والكلام وأشواق السنين، فأرى ذلك وأكثر فى عينيها الصغيرتين وزقزقتها الهامسة فى أذنى كل صباح، يا لها من طائر مخلص محب صادق.
لكن تعودت الغياب صغيرتى فى الأيام الأخيرة، وكنت أظنه آفة تخص البشر وحدهم، فربما نصحتها المحبوبة أن تضع صغارها بعيدا عن الأسوار.. هكذا همس زميلى القديم هنا ببدلته الزرقاء وهو ينظر بعيدا من خلف القضبان.. بعيدا.