إن الأعياد هى مناسبات دينية وقومية ووطنية وشعبية واجتماعية وعائلية وتاريخية وزمنية، تعود وتتكرر فى أوقات وأزمان مختلفة، وهذه الأعياد محفوظة وموثقة فى ذاكرة ومفكرة الأمم والتاريخ والعصور والأزمان، وهذه الأعياد هى لتعظيم وتكريم وتخليد تلك المناسبات الخالدة فى تاريخ وسجلات ومحطات وديانات ومعتقدات الأمم والشعوب.
ومن أشهر الأعياد البشرية الجامعة لكل أعياد أجناس البشر المختلفة والتى باركها وكرمها الله تعالى عنده ولم تحتفل بها البشرية حتى الآن ولم يستطع إدراكها زمان ولا مكان ولا إنسان هى عيد خلق آدم وخلق حواء عليهما السلام واستعمارهما الأرض, ومن أشهر أعياد البشرية أيضاً هى عيد الميلاد المجيد وعيد القيامة وعيد الفصح, ومن أشهر أعياد الإسلام الشرعية التى ينتظرها ويحتفل بها المسلمون عام بعد عام هما عيد الفطر أو عيد الجائزة وهو عيد إفطار الصائمين فى شهر رمضان ويحرم فيه الصوم وعيد الأضحى وهو اليوم الذى يضحى فيه حجاج بيت الله الحرام بذبح الهدى وهى من شعائر الحج ويحرم فيه الصوم أيضاً, ومن أعياد المسلمين أيضاً عيد المولد النبوى الشريف, ومن أهم الاحتفالات الدينية والتاريخية هو الاحتفال بانتصارات الإسلام فى غزوة بدر الكبرى وفتح مكة المكرمة ومعركة اليرموك ومعركة القادسية ومعركة عين جالوت ومعركة حطين وحرب أكتوبر المجيدة, من هنا فإن فلسفة الاحتفال بالأعياد الوطنية والدينية وغيرها تقوم على استحضار أمجاد الماضى وتوثيق تاريخ وذاكرة الأمم والشعوب واستنفار واستنهاض همم وطاقات ومقدرات الأمم والشعوب والدول لمواكبة متطلبات الحاضر والجاهزية لمواجهة تحديات المستقبل وكذا استحضار وتخليق وتمجيد وإحياء جميع مظاهر القدوة والمرجعيات والرموز والمثل الوطنية والقيادية والعلمية والمجتمعية والنهضوية الباعثة لجميع مقومات النهضة والتطور والتقدم.
فهل تعود الأعياد القادمة وقد تخلصنا من جميع مظاهر ظواهر الاحتقانات والأمراض النفسية والمجتمعية؟ وهل تعود الأعياد القادمة وقد قضينا على إنسان الفقر والجهل والمرض والتخلف والتكاسل والسلبية والتواكل القابع فى النفوس؟ وهل تعود الأعياد القادمة وقد تخلصنا من جميع مظاهر مجتمع الفساد والغش والاستهلاك والاستيراد والتبذير والإهمال؟ وهل تعود الأعياد القادمة وقد تخلصنا من جميع مظاهر ظواهر الهرم المجتمعى المقلوب فى تقويم وتقييم طبقاته وهياكله ومكوناته وتصنيفاته وكوادره المختلفة؟ وهل تعود الأعياد القادمة وقد خلقنا حلقات للتكافل والتكامل والتواصل والتراحم الاجتماعى بين طوائف وهياكل المجتمع المختلفة؟ وهل تعود الأعياد القادمة وقد خلقنا قنوات مفتوحة بين الخفير والوزير وبين المالك والمملوك وبين الأغنياء والفقراء وبين الملوك والمماليك وبين السلاطين والعبيد وبين الملاك والعمال وغيرهم؟ من هنا فإن الاحتفال بالأعياد فى كل عام هى مرآة التاريخ والأزمان على توجيه اتجاه بصلة حركة التاريخ والزمان فى الأعوام القادمة.