لى وقفه مع نفسى فى عديد من الأفعال أقفها فى النور، وأدعو إليها كافة تصرفاتى وأسبابى الخير منها والشر لأتحدث إليهم دون أية حواجز، لا أبرر للمخطئ فيهم ولا أبارك للمحسن بل على العكس أقرب وأصلح بينهم بحضور وشهادة الدوافع التى كانت ترافقهم، ومن ثم أعرفهم على بعضهم البعض وأكون علاقة وطيدة بينهم ليكونوا دوما فى يد واحدة مستقلته عنى.
هكذا كانت تنتهى لحظة السلام ومراجعة النفس فى داخلي، وفى إحدى تلك الوقفات توصلت إلى أننى أملك أسوأ خصالى التى كنت أعانى منها لفترات طويلة ، والتى كانت فى إعطاء نفسى الحق للحكم على الأشخاص بناء على أفعالهم ، وبتحليلها بناء على منظور واحد ، وهو إما الشر أو الخير المطلق والكثير هو مثلى بالطبع حتى وإن لم يعى ذلك.
ربما يعود هذا كله لترسباب قصص وحكايات الطفولة التى دخلت ضمن منهاج التربية التى تعرضنا لها جميعنا، والتى كان بطلها أحادى البعد (خير ) يحمل على عاتقه الدفاع والانتصار على الشر.
والغريب فى الأمر أن تقدير أمهاتنا لم يخطئ، ولا حتى لمرة واحدة بجعل البطل يهزم بانتصار الشر عليه.
بل و أكملت الدراما التلفزيونية بشكل موازى لمسيرة حكايات الطفولة بوصية من أمهاتنا على ماأعتقد ، لتكوين رؤية أخلاقية تمد جسورها لما تم بناءه سابقا على يديها، ولكن للأسف ياأمى لم يكن هذا تحقيقا لرسالتك السامية أنت وساندريلا العربية التى حكيت لى قصتها، بل أتت لصالح ساندريلا جميلة أخرى مختلفة حتى فى مقاس رجلها الكبير، مجدوها ولمعوها وتربعت على عرش التمثيل، وتمحورت حولها كل الأحداث دون أن يكون هناك أى منطقية فى شخصيتها أو ظهور أى تغيرات تطرأ على تركيبتها الإنسانية تؤدى لتحول تدريجى لها لنصدقها، أيرضيك أن يستمروا فى اللعب بعقولنا ونحن كبار وبهذا الحجم ؟!!
عندما كنت أشاهد العديد من المسلسلات والأفلام التى كانت تعرض استمتع بالكثير منها وأجبر على إكمال البعض الآخر على أمل أن تخيب ظنونى وأن يكون البطل ثنائى البعد ،طبيعى التكوين بحيث يظهر لنا النصف المتبقى من تركيبته اللاملائكية الذى صاغها السيناريو له ، ويتمرد عليه فى اللحظات الأخير من مشهد النهاية ، ولكن هذا لم يحصل فلقد صدق الممثل نفسه ، وأكمل وصفق الجمهور له، وأخذه قدوة دون أن يدرك أنها ليست حقيقية، لكننى أدركت أنا بعد فترة من الزمن عندما بدأت ترسبات الحكايات تطفوا على عقلى ، حتى باتت أزمة احتضنها اللاوعى لدى عندما جسدت حكايات الطفولة تلك وأبطالها إلى الواقع الذى أعيشه ، ونظرت إلى العالم من خلالها دون أن أدرك هذا طبعا.
وأنشأت لدى فكرة تقييم كل من حولى بوضعهم ضمن فئات لكل فئة صفات محددة .
تشوشت لدى الأفكار وتعقدت بعد أن أرهقنى تحليل كل خطيئة لتتناغم مع مقاييسى الخاصة حتى يصدر الحكم على صاحبها، وفى النهاية وضحت الرؤية اليوم على شاشاتى الخاصة التى تقبل الأخطاء كما هى إلى حد طبيعى ، والتعايش مع أن مقدار الخير والشر أو (الخطيئة) كتسمية أدق وأصح هى نسبيه وليست فى كل الأحوال كما نراها، فهى قد تختلف تبعا للظروف أو الأشخاص أو الدوافع أو التربية.
وأن الإنسان لديه الكثير من هذه الأخطاء ، ومن تلك الفضائل التى تميزه.
وإلا لما كان هناك أسف ولا استغفار وتوبه يحبها الله وينتظرها من عبده ليغفر له
فنحن لم نخلق مباشرة فى الجنة، ولا نعيش فى المدينة الفاضلة، ولا حتى فى مزرعة البطاطس.