من العادات التى اندثرت، بعد أن كانت شائعة، الإعارة والاستعارة من الجيران بما يؤكد على ثقافة المشاركة والاستثمار فى الاشخاص الذين يسكنون حولنا، الناس مخلوقات اجتماعية تزدهر وتتطور من خلال التفاعل الاجتماعى فيما بينها، حتى المحادثات العابرة والثرثرات الصغيرة تجعلنا اكثر سعادة وتحسن مزاجنا.
أجرى نيكولاس ايبلى استاذ العلوم السلوكية دراسة فى شيكاغو على مجموعة من الأشخاص، حيث كلف البعض منهم بإجراء محادثات صغيرة مع جيرانهم، ولم يسمح للبعض الاخر القيام بها، فلاحظ انه حتى أولئك الذين قالوا إنهم لم يكونوا على استعداد للقيام بهذا التفاعل اكدوا انهم شعروا بسعادة أكبر عندما تواصلوا مع جيرانهم.
لقد اثبتت الدراسات الحديثة، أن العزلة تزيد من خطر الاصابة بأمراض القلب بنسبة 29% والسكتة الدماغية بنسبة 32%، ومن التأثير الفكرى فإن العزلة تسرع من التدهور المعرفى لدى كبار السن، وقد أشار إلى ذلك أحد البحوث التى قدمت فى المؤتمر الدولى لرابطة الزهايمر، ما نفتقده اليوم من الابتعاد عن عادة الاعارة والاستعارة بين الجيران واختيارنا المثل القائل صباح الخير يا جارى انت حالك وانا فى حالى لهو الفعل الخاطئ، أن الاتصال الانسانى الحقيقى لا يتم من خلال الرسائل النصية ولا رسائل البريد الإلكترونى ولا الرسائل الصوتية، فكم هو جميل أن نكون جزءا من عائلة أوسع تمتد خارج جدران منازلنا.
كان فى الزمن الماضى الاقتراض من الجيران ممارسة شائعة، وكانت تلك الممارسة جزءا من شبكة العلاقات القائمة بين الناس، وأيا كانت المبررات التى جعلت هذه الظاهرة نادرة الحدوث، فإن العصر القادم سيشهد طفرة فى عودة قوية لظاهرة الاعارة والاستعارة بين الجيران لأسباب كثيرة سنعرضها فى المقال القادم بإذن الله.