استيقظ أحمد فى تمام الساعة السادسة لينتقل إلى عمله، وأعد فنجان القهوة الخاص به ثم ارتدى ملابسه واتجه للخروج من المنزل فى خطوات متباطئة، وكل ما يدور فى خياله هو افتقاده لمتعة الأيام فمنذ بداية عمله منذ خمس سنوات وكل يوم يشبه الآخر يوم روتينى ليس به أى تغيير ولا اختلاف، حتى فى تمنيه أن يحدث شىء جديد كل يوم، وصل إلى المكان المعتاد الذى ينتظر الميكروباص كل يوم به أوقف أحمد أول ميكروباص وجلس كالمعتاد على الكنبة الخلفية فى الميكروباص وظل يتأمل كل راكب بهدوء وتخيل ما يدور فى عقل كل شخص، وتمنى أن يمتلك ميزة قراءة الأفكار حتى يغير من مود يومه، وظل هكذا يتخيل أفكار كل راكب بطريقة مضحكة، حتى توقف الميكروباص لركوب فتاة ليست بكامل أناقتها فهى أيضا تتجه إلى عمل ما، لكن لفتة انتباهه وشعر شعورا لم يشعر به من قبل لا يستطيع التوقف عن النظر إليها والتأمل فى ابتسامتها البريئة وعيونها التى تلمع فى أشعة الشمس وهى شاردة وتنظر إلى السماء وشعرها الأسود الذى يظهر بعض خصلاته من تحت الطرحة وخدودها الحمراء ما هذا الجمال والبساطة فى كل شىء.
وكل ما يخطر فى عقل أحمد هو ما يدور فى عقل هذه الفتاة يجعلها تبتسم وهل تضع ميكاب مثل باقى الفتيات أم هذا الجمال طبيعى؟ لأنه لم يرى مثل هذا الجمال من قبل وهل سيقدر أن يتحدث معها قبل نزوله من الميكروباص؟ وظل يراقب الفتاة فى صمت وكلما توقفت السيارة يتمنى عدم نزولها، وهو مازال ينتظر لحظة حتى يتحدث معها، وجد أحمد فكرة أن يدفع أجرة الميكروباص الآن ومد يده على كتفها وقال بصوت رقيق: لو سمحتى يا آنسه ممكن تقولى للسواق واحد من 20.
مدت يدها وأخذت الفلوس وقالت لمن أمامها: واحد من 20 ورا.
وحين عاد الباقى لم تستطع إعطاءه المال حتى التفتت وأعطت له المال ويدهما تلامسا وهى تنظر فى خجل من هذا وهو يحدق فيها؟ والتفتت وعادت تنظر إلى السماء ووصل الميكروباص إلى نهاية مساره، وبدأ الناس فى النزول منه وأحمد يدعى الله أن يراها مرة أخرى، وظل فى طريقه للعمل وظل طوال اليوم ينظر فى كل الوجوه حتى يراها، وظل هكذا كل يوم لمدة أسبوع حتى يوم وصل عمله متأخرا، وهو على باب مكتبه لمح آنسة تجلس على مكتبه توقف ليلتقط أنفاسه ثم التفتت له وقالت: أخيرا مستنية حضرتك من بدرى ...
إزى حضرتك يا أستاذ أحمد
وتبتسم ابتسامه خفيفة وأحمد مازال يحدق بها ونبضات قلبه تتسارع بين ضلوعه.