مِن بداية هذا الخطاب، أشتاق إليك كثيرًا.. كُنت لى نُورًا فى ظُلمة حُزنى، كنتُ لى ذاك الحلم وتلك الأمنية بامتلاك صديق حقيقى، ليس المعنى ذاته .. ولكنك كنتُ صديقى .. تقبلتك بـِ غيابك، تجاهلك، عدم اهتمامك.. والأهم تقبلت عدم شُعورى بالأمان معك! أتفهم ما أقوله؟ طيلةً ما شعرتُ بعدم الأمان حتى فى وجودك كان يزداد على وكأنه يُقيدنى بين وجودك ورحيلك الآن أم غدًا! كان يُقيد أحلامى بالحصول على صديق يحبنى مثلما أحبه حتى وإن لم أشعر بالأمان معاه.
تقبلتُ أنك لا تُجيد سماع مصائبى وأحزانى، تقبلتُك أنت.. لا لن أُذكرك بعيوبك، لن أفعل ذلك.. أنا لستُ مثلك.. أنا أفضل منك، كيف حالكُ الآن أيها البعيد؟ كيف حالك بعد هجرك لى - قد أدركتُ فيما بعد أن ذلك الهجر قد جعل منى شخصًا قويًا حقًا - أبخير أنت حقًا؟ كيف حال قلبك وجروحه؟ طيلةً ما أتذكر وأنت تروى لى عن جروح قلبك وندوبه.. كانت تُبكينى، وكأنها ندوب قلبى أنا.. وليست ندوبك، كانت شديدة وقاسية.
أتذكر تلك الليلة التى قمتُ فى الهزيع الرابع من الليل على صوت صُراخك وأنت تدمر كُل شىء من حولك.. كنتُ تبكى وكأنك تستنزف روحك بين يديك.. تبكى وتصرخ وأنت تجرح نفسك.. تبكى وكأن قلبك قد أُصيب بشىء جعله يتذكر كَل ما حدث به، وكأنك تعرضت لـ شىء أبشع من القتل والموت قد ذكرك بكُل ذلك.. وكأن جُرح قلبك كان موعده اليوم وتلك ذكرى ذلك المُوعد.. حاولتُ تهدئتك لكنك رفضتنى بشدة.. صرخت فى وجهى وقلتُ لى: ابتعدى.. أنا بخير، لا تنظر لى هكذا.. أنا أفضل منكم أيها البشر المُخادعون.. ثم سقطت كـ الجثة الهامدة وكأنك رحلتُ للتو.. استيقظت ولم تتذكر لكنى مازلت أتذكر جيدًا ولن يغفل عقلى عن ما حدث منذ ذلك اليوم المشئوم.
وبرغم ما فعلته بى لكنى مازلت أذكرك .. تتذكر تلك الفتاة التى أحببتها وعمرك يُقارب الخامسة وعشرين! تتذكر ما قالته لك! جئت تخبرنى وأنت تبكى وكأنك لم تبكى من قبل.. وكأنك طفل أُخذت منه لُعبته وهلك من كثرة البكاء.. قالت إنك مُغفل، لا تُجيد شيئًا.. فقط تُجيد البكاء، سخرت منك عندما بكيت.. بكيت عندما علمتُ برحيلها.. وتركتك.. وظللتُ أنا بجانبك مرة أخرى، وبرغم ما بذلته لك.. تركتنى وُحدى، أواجه ليلى ونهارى بالبكاء على رحيلك.. أواجه فُراقك بأدمان المُخدر والقهوة والنيكوتين .. أتعلم ما فعلت بى! دمرتنى بالكامل.. ورحلت ! متى قسى قلبك على هكذا! تلك واحدة من رسائلى غير المُرسلة إليك .. لا تُصدق ما قيل بها.. أنها مشاعر طائشة تخرج كلما شعرتُ بعدم الأمان .. أنا هنا وحدى تمامًا .. اقاوم ولن انتصر .. لكنى لا أريد وُجود مُزيف مرة أخرى، وأخيرًا سأخبرك بها.. لن أتذكرك مرة أخرى.. تلك بما يُسمى رسالة الوداع، وداعًا - وكما كنتُ أُطلق عليك دومًا - "صديقى."
"صُنف كاتب الرسالة بأنه مريض انفصام، وأنه يروى قصة نفسه.. وعن تلك الليالى التى واجهها وحيدًا، وأن من يحدثه هو فقط الجزء الآخر من نفسه وليس صديق حقيقى".