قال تعالى " إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ", فمن المحن تأتى المنح , وما من أحداث ومواقف تمر بنا إلا ولها حكم ومنها فوائد ونتائج عظيمة تحتاج الى اغتنامها والتعلم منها , ومن هذه الأحداث الهامة هى المشاكل الزوجية والخلافات العائلية فهى ليست نهاية الطريق, أو دليل على فشل العلاقات الزوجية أو العائلية ولكنها انذاراً هاماً لتغيير المسار الخاطئ الى المسار الصحيح . بل ومنها يتم توطيد العلاقات وبداية زوجية جديدة أكثر قوةً ونشاطاً.
وهنا يتبادر الى الذهن استفهاماً واستنكاراً وهو كيف تكون المشاكل الزوجية هى بداية لعلاقات جديدة أو تصحيح للأوضاع ونحن نرى المشاكل والخلافات المتأزمة التى تصل الى الطلاق أو التنازع والمحاكم وغيرها؟
أقول نعم, هذه حقائق وواقع مرير نمر به وهو كثرة المشاكل الزوجية والتى تتعقد يوماً بعد يوم, حتى تصل الى طريق النهاية "الطلاق". ولكن لأننا فقدنا أو تناسينا بأن المحن تولد دائماً المنح . فبدايةً, لكل انسان طبيعة خاصة تختلف باختلاف التنشئة والمجتمع والتعليم والقيم التى يعتنقها, وهذه الطبيعة التى يتمتع بها كل طرف هى دائماً السبب الرئيسى والهام فى حدوث الكثير من المشاكل, فمثلاً نجد الرجل يهمل بعض الأمور التى يراها فى نظره بسيطة مثل القاء ملابسه دون اهتمام , ولكن فى نفس الوقت تسبب الضيق والملل للزوجة بسبب تعود الرجل لظروف معينة فى تربيته وأيضا الزوجة تهمل اموراً أو تفعل مواقف تزيد من ضيق وانفعال الزوج كالحديث فى الهاتف لساعات مثلاً وغيرها من الأمور المتنوعة التى تكون بداية الشرر التى تشعل النار بين الزوجين, رغم توافق الزوجين فى أمور كثيرة وجوانب عديدة. فاذا أيقن كل زوج بطبيعة هذه الإختلافات وتعلم طريقة التعامل معها, فبها يتم التغلب على المشكلة وتحديدها والقضاء عليها تدريجياً أو التعامل معها حسب طبيعتها بشكل لا يؤثر على مسيرة الحياة الزوجية . قال صلى الله عليه وسلم ( لا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِى مِنْهَا آخَرَ) رواه مسلم. ويقول الشاعر
من ذا الذى ما ساء قط ومن له الحسنى فقط ؟؟
فإذا تعامل كل من الزوجين وفق هذه الإرشادات النبوية, والتى أكدتها وتوافقت معها الأبحاث الحديثة لعلماء النفس, من أهمية معرفة الزوجين لإختلاف طبائع وشخصيات كل فرد عن الأخر . فاذا وقعت خلافات زوجية بينهما وحاول كل منهما التغاضى عن أخطاء الأخر والتفاهم والحوار, وسط الكثير من المميزات والإيجابيات والأخلاق الطيبة التى يتمتع بها الطرفين, وأن يعترف بأننا جميعا خطائين وليست العصمة لأحد من البشر, فهنا تكون هذه المشكلة هى بداية لتصحيح المسارات وقوة العلاقات الزوجية ونشاطها وحيوتها فإذا تغاضى طرف لأخطاء الأخر, فإن ذلك يوجب للطرف المخطئ حب وتقدير مما يؤدى الى محاولتة لتصحيح هذه الأخطاء قدر استطاعته وتظل هذه المشكلة هى ذكرى للطرفين تؤكد مدى قوة العلاقات الزوجية ومدى التفاهم والرضا. وهنا أذكر كل الطرفين بأن يحتسب كل زوج كل أمر وكل فعل وقول لله تعالى وأن يلتزم بهدى النبى صلى الله عليه وسلم فى تعامل الزوجين حتى تسهل عمليه حل أى مشكلة, فإذا احتسب الزوج رضاه بعيوب زوجه طمعاً فى الأجر واتباعاً للسنة إلا وهانت عليه المشكلة وأصبحت هذه المشكلة هى البداية للحياة الجديدة الصحيحة .