كلمتان عربيتان من مشتق واحد و ماضى مجرد واحد
الفرق بينهما حرفين فى الظاهر .. ولكنه ليس بهين فى الباطن
فقد قال الله عز و جل "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ".
كان الله فى قدرته أن يخلقنا شعبا واحدا ، بديانة واحدة ، بلغة واحدة و لون واحد ، و لكن الإرادة الإلهية حكمت بأن نكون على قدر من الاختلاف إلى يوم الدين.
وفرض علينا قبول الطرف الآخر ، و الاحسان لمن هم عنا ... مختلفين
فالاختلاف.. هو ما اتحد فيه القصد و اختلف فى طريق الوصول إليه.
أما الخلاف فهو ما يختلف فيه القصد و طريق الوصول إليه.
الاختلاف هو ما يستند إلى دليل و يكون الغرض من صاحبه المناقشة الفعالة و الرؤية البناءة ، ساعيا إلى الوصول لنقطة الالتقاء و الاستفادة الممكنة من الفكر الآخر.
أما الخلاف فهو لا يستند إلى دليل ، بل يكون ما هو إلا نقد هدام ، فيكون صاحبه فاقد البصر و البصيرة ، يسعى لإظهار نفسه فقط ، معتبرا من يعارضه خصما واجب إبادته ، رافضا أى أفكار من الطرف الآخر بالأخص اذا كانت صائبة.
فصاحبه لا يسعى إلى الكمال ... بل يسعى فقط إلى التعنت وإثبات الذات.
فالاختلاف من آثار الرحمة ، كما هو الحال فى ديننا ، نجد فى بعض جوانبه اختلافا بين آراء الفقهاء فى بعض الأمور الفرعية البعيدة عن أصول الدين ، و كل منا يتبع الطريق الأسهل و الأسلم لحالته.
فهو بمثابة توسعة على الناس فى الفروع و عدم التضييق عليهم.
فقد أوصانا الرسول صلى الله عليه و سلم بالارتقاء فى الحوار و قبول بعضنا البعض و إحسان كل منا إلى أخيه فى قوله : " لا تباغضوا و لا تدابروا و لا تناجشوا و كونوا عباد الله إخوانا "
فكل ضدين مختلفين و ليس كل مختلفين ضدين
و قد قال الله عز و جل فى سورة الأنعام : "وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ "
ففى الإختلاف تذوق و جمال و توسعة للفكر و امتدادا للأفق
ما دام "الإختلاف" إختلافا .... و لم نحوله إلى .. "خلاف".