مهما تضاحكت الحياة فإننى أبداً كئيب
أصغى لأوجاع الكآبة والكآبة لا تجيب
فى مهجتى تتأوه البلوى و يعتلج النحيب
ويضج جبار الأسى و تجيش أمواج الكروب
لا أدرى لماذا عندما صدمت بخبر رحيل النجم الشاب هيثم أحمد زكى ؛ قفزت إلى ذهنى هذه الأبيات لشاعرنا العربى الكبير " الشاب أيضاً " أبى القاسم الشابى (١٩٠٩-١٩٣٤) . ربما لأنها تعبر أيضاً عن معاناة هذا النجم الشاب الذى فقد كُلَّ أفراد أسرته الحبيبة فى مراحل عمرية مبكرة .
عندما كتبت فى نفس المكان منذ عامٍ و نصف مقالاً بعنوان " أحمد زكى .. الإمبراطور الأخير " ، وقلت أن هناك من يحاولون أن يحتلوا مكانته فى قلوب الناس فى الفن السابع و الدراما كُنتُ مؤمنا فى قرارة نفسى أن هيثم هو الوريث الشرعى لموهبة أحمد زكى . فهو لديه الموهبة و القدرة ليكمل مسيرة والده . فلديه ملامح وجه والدته البرئ الملائكى و نبرة صوت والده و (كاريزمته ) و كان ذلك واضحا و جلياً فى فيلم " كف القمر " ومسلسل " دوران شبرا" ، " الوصايا السبع " و " كلبش ٢" ، حتى آخر أعماله " علامة إستفهام " أعتقد أن نسبة عالية من المشاهدين كانت تشاهده لترى هيثم زكى لإحساسهم و تأكدهم بأن هيثم زكى هو " تتمة لأحمد زكى أو بقية منه " فهو الوريث الشرعى لموهبة الأمبراطور وليس أى أحد آخر . كنت دائماً أتابع أخباره من خلال موقع البحث جوجل ، و كنت أسعد كثيراً عندما أعلم أنه سيشارك فى عمل فنى سواء بالسينما أو التليفزيون ، مشفقا عليه من المسئولية الملقاة على عاتقه كخليفة لوالده فى الفن السابع و الدراما ، مع الوضع فى الإعتبار أن والده نفسه ليس على قيد الحياة ليقدم له الدعم نفسيا و معنويا و فنيا على عكس رفاقه من أبناء النجوم الذين يكملون مسيرة والديهم فى المجال الفنى ، و قدَّم لهم آبائهم ما يستطيعون من دعم .. كالزعيم الصغير (محمد إمام) ، الساحر الصغير (كريم عبدالعزيز ) ، العمدة الصغير ( أحمدالسعدنى ) ، فلوكس الصغير ( أحمد فلوكس ) ، و القائمة تطول .
رحم الله هيثم أحمد زكى الذى عانى من اليتم و الوحدة ( و ما أدراكم ما الوحدة ! ) على المستوى الإنسانى ، و من مقارنة ظالمة مجحفة بينه و بين والده الأسطورة على المستوى الفنى ( فأحيانا يتفوق الأبناء على آبائهم فى نفس الموهبة و الإبداع ، و أحيانا كثيرة يكملون مسيرة آبائهم فى هدوء و سكينة ) ..
الغريب أننا جميعا نشعر بالذنب و الندم .. و كأننا تركناه يعانى الوحدة و اليتم .. و كأننا نعرفه معرفة شخصية و لم نقدم له الدعم و التشجيع الكافى ليكمل مسيرة والده الفنيه . و لكنه ذنب و ندم سيلازمنا أيام طويلة ، لأنه ندم بعد فوات الآوان .. أهتموا بأحبائكم و أقاربكم حتى لا تشعرون بالذنب و الندم لآخر يومٍ فى عمركم .