ما أجملك يا مصر ويا طيب هوائك وعذوبة مائك وازدهار زروعك وبساتينك، فأنت مكتملة فى كل شىء غنية بكل شىء لا ينقصك شىء، سبحان الله فأنت ملهمة الشعراء والأدباء وأهل الفن ومهرة الصناع، ففى ظل اعتدال مناخك أبدع الصناع وفى طيب ربيعك تغنى الشعراء وتسللت موسيقى العازفون إلى الوجدان.
أبناؤك القدماء صنعوا الحضارة وشيدوا القصور والمعابد ونقشوا تاريخهم على جدرانهم حتى إذا فنيت أوراق بردياتهم لم تفن الأحجار والجدران وجدناها باقية تحكى لنا أمجادك فى العصور الغابرة فقد دون الكاتب الجالس وتحدث الفلاح الفصيح ورفع الأقدمين الأحجار الثقيلة وبنوا بها المعابد والأهرامات.
لم ينس الأبناء فى العصور المتأخرة أمجاد الأجداد وجعلوها نصب أعينهم، وكما كان فى الماضى نوابغ ظهر لنا فى الحديث نوابغ أيضا أثروا الحياة الفنية والأدبية والمعمارية حتى وقت قريب، استمتع فيه الناس واقتنوا أمهات الكتب ونوادر التحف والمشغولات وغالى الأساس وأفخره حتى بدا الفن ينحسر وبدا المعمار يتلاشى وانصرف الناس إلى أمور زائفة لا تمتع النظر ولا الناظر وسرعان ما ينصرفون عنها وينسونها كأنها لم تكن.
بدأنا نتخلى وبدا الغرباء يصنعون لنا تراثنا ويصدروه إلينا بعدما عجزنا عن إكمال المسيرة.
تحف ونقوش خان الخليلى والصناع المهرة الذين أبدعوا النقوش بدقة ومهارة تعجز الآلات الحديثة عن الإتيان بها تخلو عن ذلك كله ولم يورثوه للأبناء فضاع التراث وأخذه الآخرون منا وصدروه لنا بصورة مهزوزة أو مشوهة.
وفى الأدب والفكر لم نجد طه حسين جديد ولا عقاد آخر ولا شوقى ولا حافظ ولا منفلوطى أو مازنى، فقد نضبت القرائح وجفت الدماء التى كانت تجرى فى عروقها حتى ستينات القرن الماضى وبعد ذلك لم نجد كاتبا أو مفكرا يمكن أن يشار له بالبنان وأصبحن انقف كالمشدوهين ننظر ونتأمل لعل وعسى أن يأتى احد بجديد و لم يأتي
نبحث عن الأسباب وندقق ونمحص دون جدوى أو فائدة ولا نملك إلا أن نترحم على القدماء ونبكى على الزمن الجميل!!!!!!!!!!!!!!!!؟