فى 320 صفحة، عشرة فصول وعشر خرائط (تغطى روسيا ؛ الصين؛ الولايات المتحدة؛ أمريكا اللاتينية؛ الشرق الأوسط؛ أفريقيا؛ الهند وباكستان؛ أوروبا؛ اليابان وكوريا؛ والقطب الشمالي).
يلخص الكاتب بأسلوب سهل وشيق معظم مشاكل العالم السياسية وارتباطها الوثيق بالجغرافيا، وحتمية تصادم الجغرافيا والأيديولوجيا.
يقول إن الجغرافيا تؤثر على قرارات الدول، بل تغرى بعضها لاحتلال أو ضم أجزاء من دول أخرى، ويؤكد أن عدم معرفة الجغرافيا، يخفى عنا الصورة الكاملة.
الانطباع العام بعد قراءة بعض أجزاء متفرقة، أن الكتاب لم يأت بجديد سوى تجميع معلومات وآراء معروفة لأى باحث، ولكن بإضافة مميزة، ألا وهى تفسير تحركات الدول وخياراتها السياسية على الأساس الجغرافى.
وفند عدة أمثلة، مثل ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، وميناء سيڤاستبول الذى يضم قاعدة الأسطول الروسى، حيث الصراع عليها منذ 1853، ومثل تدخلها فى سوريا للوصول إلى المياه الدافئة، والعدوان على أوكرانيا للهيمنة على خطوط النفط والغاز، ومثل استمرار الصين احتلال التبت واستثماراتها فى أفريقيا لكى تضمن احتكار المواد الطبيعية.
الفصل الخاص بالشرق الأوسط (40 صفحة)، دل على عدم فهم الكاتب لأمور كثيرة، يقول أن الدفع بتفكيك اتفاقية سايكس بيكو سيؤدى إلى المزيد من الحروب للوصول إلى السلطة (متجاهلا أنها كانت اتفاقية مدبرة بين الدول الاستعمارية لتوزيع المصالح فيما بينهم).
يتجاهل أهمية القضية الفلسطينية ويعتقد أنه حتى لو أقيمت دولة لفلسطين، ستطالب كل من مصر وسوريا والأردن باسترداد أجزاء لها؟
وعن الربيع العربى يقول إن خطأ التسمية أدى إلى تغييم ما فهمه الغرب عندما اعتبر أن الشباب فى ميدان التحرير يمثل كل الشعب (مثلما كانت الثورة الخضراء فى إيران لا تمثل كل إيران).
الكاتب لا يؤمن بثورة 25 يناير وينحاز لعودة المؤسسة العسكرية للحكم، وأيضا لم يذكر أن الإخوان المسلمين لا يمثلوا إلا فئة قليلة مرفوضة من الغالبية العظمى فى مصر.
يقول بخصوص دول الشرق الأوسط، إن القوى ستصبح فى أيدى ميليشيات متنكرة فى صورة أحزاب سياسية، فيما عدد قليل جدا من دول المؤسسات.
فى رأيى أن الكاتب لم يوفق فى تحليل واقعى لما يحدث فى مصر خاصة والشرق الأوسط بصفة عامة.
أما عن أمريكا فيقول، بعد أن حققت أمريكا اكتفاءها فى مجال الطاقة، تتجه الآن للتفوق التكنولوجى، لذلك ستظل محافظة على تفوقها كقوى عظمى.
يفتقد الكتاب عدم الخوض فى مواضيع هامة وعن تأثيرها فى جغرافية بعض الدول، مثل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أو مجيئ رئيس مثل ترامب، أو تغير المناخ، أو العمق الاستراتيجي.
وتظل الإجابة عن السؤال الأهم، ألا وهو، هل تصرفات الإنسان هى التى تشكل جغرافيتنا بحجج مختلفة ، أم جغرافية المكان هى التى تتحكم فى تصرفات الإنسان.