ربما لا يحمل هذا المقال أكثر من تساؤلات عقل يهذى، لا يمل إزعاجى بثرثرته وهذيه ولن أخفيكم سرا أنى أدعو ربى ألا يسكت له حسا ففى تساؤلات عقولنا لنا حياة.
ذات يوم رأيت رجلا بلا مأوى يعيش بالشارع وأعلم أننا نراهم بكثرة فى زماننا هذا، ولكننى للأسف رأيته وقد تجرد من آدميته فقد كان جالسا عاريا يقضى حاجته دون أن يستتر من الناس فى عرض شارع مكتظ بالمارة، فى سلوك أقرب إلى سلوك الحيوانات وبعيد كل البعد عن الطبيعة البشرية التى تميل إلى الستر واحترام الذات.
حقا أعتذر عن هذا التشبيه الذى لم أجد أصدق منه فى وصف ما رأيته ولم أقصد به الإساءة إلى إنسان خلقه رب العالمين وفضله على كثير ممن خلق تفضيلا. فالله يعلم قدر الألم الذى اعتصر قلبى حينما شاهدت إنسانا قد تم تجريده من كرامته الإنسانية.
لا أعلم لماذا انتابنى شعور بأن هذا الرجل قد فقد أى رغبة منه فى التواصل مع عالم البشر بل أنه لم يعد يستطيع أن يتحدث لغتهم أو يفهمها !
تألمت وتعجبت من حال الرجل وهمس لى عقلى أنه ربما لولا غريزة البقاء التى خلقت بداخله لأقدم المسكين بلا تردد على إنهاء حياته قبل أن يصل إلى هذا الحال. فغريزة البقاء تعتبر قوة خفية لا يستهان بها تدفعنا للاستمرار بالحياة برغم كل شىء ولعلها أيضا تجعلنا أكثر صبرا حينما نستقبل الموت.
كيف لك يا عقلى المجنون أن تقول أن غريزة البقاء تجعلنا أكثر صبرا حينما نستقبل الموت وقد خلقت بداخلنا كى نحاول الفرار منه ؟!
استطرد عقلى موضحا فكرته قائلا إننا نؤمن بأن الموت هو انتقال من حياة مؤقتة إلى حياة أبدية، وغريزة البقاء تجعلنا نتمسك بالحياة الأولى فى الأساس ولكنها أيضا تدفعنا إلى الرغبة فى أن نكمل بقاءنا فى عالم آخر وحياة أخرى إذا لم يكن من الموت مفرا.
ثم عاد عقلى لتساؤل جديد: ولكن ماذا عن الذى ينكر الآخرة ؟ فهو يؤمن بأن الموت هو النهاية ولا حياة بعده، فماذا يدور بعقله حين يستقبل الموت ؟
لقد أشعل عقلى المتسائل بداخلى رغبة مجنونة فى أن أقرأ ما يمكن أن يدور بداخل المنكر لوجود الله والآخرة وهو يستعد ليسلم الموت آخر نفس فى صدره.