الآن وبعد كل هذا الوقت أحاول مرة أخرى أن أمسك قلمى وأخط بعض السطور ، أحاول أن تثبت كلماتى على الورق وألا تتطاير بفعل العواصف من حولها أحاول أن أمنع دموع المطر من أن تذيب تلك الحروف.
أول مرة منذ عقود أكتب من غير أن تكون جالسة أمامى أنسخ من عيونك كلماتى وأتصورك بطلة لجميع رواياتى .
أول مرة لا تداعب أصابعك شعرى أول مرة لا أجد ذراعيك تحتضنى، صدقينى الآن لا أستطيع تميز الألوان فكل سواء أمام عينى كلها باللون الأسود حين أنظر من النافذة لا أفرق بين ضوء النهار أو سواد الليل كل شىء فقد طعمه حتى قهوتى التى أشربها منذ الصغر عجزت الآن عن تذوقها أشعر فقط بمراراتها فى حلقى.
كل شىء تغير منذ تلك اللحظة التى رحلت فيها أكاد أجزم أن الزمن توقف عن الحركة أو أنه قد ضل طريقه فسار شريدا وحيدا لا يدرى أين الطريق يملأه الخوف والحيرة تصيبه بالفزع حتى أقل الأصوات .
لماذا كان الموت شديد الطمع فأبى أن لا يختار ألا الأحسن؟ لماذا كنت انت من بين ملايين البشر ولماذا يحيى الآخرون بعدك؟ لماذا كنت شديد الجبن فلم أستطيع ان ألحق بك رغم محاولاتى الكثيرة؟ هل مازال جزء منى يتمنى تلك الحياة عجبا أننى لا أحس بأى رغبة بها .
تلك هى اخر سطور سوف اكتبها فى روايتى التى لم تكتمل روايتى التى كنت انوى ان اهديها لك انت والتى كنت سوف اطلق عليها اسمك انت الان اصبحت رواية لم تكتمل . الآن اضع قلمى جانبا واغلق اوراقى.