التحرش الجنسى يُعدُّ من أخطر الآفات على المجتمع، فهو داءٌ عُضالٌ يتفشّى أثره المادى والنّفسى على المجنى عليه، وكذلك يعُمّ هذا الأثر على جميع أفراد الأسرة ويتسلل للمجتمع، فهذا الفعل من أشد انتهاكات حقوق الإنسان صعوبةً، لما يحمله من حساسيّة خاصّة فى المجتمعات المحافظة، وتوجد أسباب عديدة تَحِدُّ من اللجوء إلى القضاء أو للقانون ومن أهمها ضعف الأدلة على التحرش، وعدم توفر شهود على الفعل، فيبقى المُتَحرَّش به فى دوامة الخوف والهروب من الواقع.
التحرش الجنسى من أسوء أنواع العنف ويعنى كلمات أو أفعال غير مرغوب بها تحمل الطابع الجنسى وتنتهك للجسم وخصوصية الشخص ومشاعره، ويشعر بسبب ذلك بالتهديد وعدم الأمان أو الرهبة والخوف أو قلة الاحترام أو الترويع أو الإهانة أو الإساءة أو الانتهاك.
من الممكن أن يأخذ التحرش أشكالًا متعدّدة، وقد يتضمّن شكلًا واحدًا أو أكثر فى الوقت نفسه: النَّظَرات الجنسيّة المتفحصة: التّحديق غير اللائق فى جسد شخص ما أو فى عينيه، والنّظر إليه بتمعُّنٍ نظرات حاملةً فى طياتها إيحاءات جنسية. تعابير الوَجه: عمل تعبيرات وجه تحمل نوايا جنسية، النّداءات: الأصوات التى تحمل إيحاءات جنسيّة، التّعليقات: إبداء الملاحظات ذات الطابع الجنسى عن جسم أو ملابس شخص ما، أو قول النُّكت أو القصص الجنسيّة المُسيئة، التحرّش عبر وسائل التكنولوجيا: وذلك من خلال إرسال التعليقات أو الرسائل أو الصور أو الفيديوهات المُسيئة أو غير اللائقة عبر الإيميلات، والرسائل الفورية، ومواقع التواصل الاجتماعى، والمنتديات، والمدونات أو مواقع الحوارات عبر الإنترنت جميعها ذات طابع جنسى. الإشارات الجنسيّة: وهى إصدار إشارات ذات طابع جنسى موجّه لشخص ما كاللّمس، والتّحسس، والاقتراب من جسد الشخص كثيرًا، والإمساك العنيف، والشّد. التَّعرِّى: خلعِ الثّياب ونزعِها أمام شخص ما ليرى الأعضاء التناسلية، فعملية التحرّش الجنسى وأنواعه المختلفة قد تحدُث فى الأماكن العامة أو الخاصّة، مثل: الشارع، ومكان الوظيفة، وفى المواصلات العامة، والمدارس والجامعات والكليّات، والمطاعم، والأسواق، وداخل البيت، وحتى فى العلاقات الاجتماعية داخل الأسرة من الأقارب والأصدقاء، وعبر وسائل الإنترنت. المُتحرِّش هو كل فرد يُمارس أفعال وأشكال التّحرش كالفعل الجنسى المُهين وغير المرغوب فيه حديثًا أو فعلًا، وهذا المتحرِّش له تاريخ إجرامى وتحرشات جنسية أو أمراض نفسيّة سابقة، ومن أهم الأمراض النّفسية التى قد يعانى منها المتحرّش أمراض الفصام والشيزوفرينا، والإدمان على الكحول والمخدرات، وصعوبات التّعلم، واضطرابات الشخصيّة المتعددة، والأعراض المرضية فى القشرة المخية، ووجود أدلّة قطعية على استثارته الجنسيّة لصور الأطفال، والمشاهد العنيفة، وتعرضه فى الطفولة لاعتداء جنسى، وتَدنّى تقدير الذات، والانعزال الاجتماعى، قد يعانى المتحرش من خلل فى الإدراك وذلك لاعتقاده أن الضحية توافق على الفعل، أو لتدنى الإحساس بالتّعاطف مع الضّحية وانعدامه، ومن أكثر الأشخاص المعرّضين للتّحرش هم فئة النساء والأطفال، ونسبة التّحرُّش الجنسى فى الأطفال التى أشارت إليها الإحصائيات العالميّة قد وصلت إلى 70% بأكثر من نوع أو شكل من أشكال التّحرش.
أسباب التّحرُّش الجنسى ضعف الوازع الدينى: الابتعاد عن الدين، وضعف الإيمان الذى دعت إليه جميع الديانات، وعدم تمكُّن الفرد من السيطرة على الشهوات والانسياق خلفها. غياب دور الوالدين: إهمال الأبناء، وسوء التّربية، وعدم مراعاة متطلباتهم الجسدية والنّفسية، واستخدام العنف اتجاههم، كل ذلك قد يخلق سلوكًا تحرشيًّا. التواجد فى البيئات الخطرة: كالمناطق الخالية من الأشخاص، والمناطق المكتظة بأفراد متراوحة أعمارهم ما بين 18–28 سنة، والأماكن التى لا يوجد فيها سيطرة أمنية كافية، التواجد فى أماكن تتكرر فيها حالات التحرش، كالمناطق التى يتواجد فيها أصحاب السوابق أو المدمنين، والتى ترتفع فيها معدلات العنف والجرائم عامّةً.
الوقاية من التّحرُّش.. امتلاك أدوات لحماية النّفس من التّحرُّش، ومنها: دبابيس الحجاب والشعر والأوراق، كما توجد دبابيس مخصصة لذلك. الصفع إذ يعطى انطباعًا أنّ الضحية غير مستسلم بسهولة وأنّه يملك الإرادة القوية للمقاومة. الصاعق الكهربائى. الأدوات الحادة الشاملة للسكاكين والمشارط والأمواس. بخاخ العين وهو خليط من الفلفل الأسود والأحمر والبهارات الحارة والشطة. الابتعاد عن المناطق الخطيرة الخالية من السكان، والابتعاد عن المشى وحيدًا، وتجنب الأماكن المغلقة، والاتصال بأقرب وحدة شرطة من خلال وضع الرقم فى خانة الطوارئ والاتصال السريع. عدم إدخال شخص غريب للبيت، أو الركوب والحديث معه. تجنب ارتداء الملابس الدّاعية إلى الإغراء والمثيرة للشهوات الجنسية. تعليم الأطفال كل ما يتعلق بالتحرش وأنواعه، فليس التحرش متعلّقًا بالفتيات فقط بل يشمل الذكور أيضًا، وعلى الوالدين والمدرسة استخدام الألفاظ والمصطلحات المناسبة للتّحرُّش بما يتوافق مع مراحلهم العمريّة وإدراكهم المعرفى.