تعتبر الضغوط النفسية من أهم سمات العصر الحديث، وبداية تُعرًف الضغوط النفسية بأنها مؤثر خارجي يؤثر على الفرد مما يسبب عدم قدرة الفرد على التكيف مع مجتمعه فضلًا عن إحداث التوتر الداخلي لديه. وقد أصبحت الضغوط النفسية مصطلحا ملازما لكل ظروف العمل في العصر الحديث، وأصبح – في معظم الأعمال- سمة رئيسة حتى إن إعلانات بعض الوظائف أصبحت تشترط (القدرة على العمل تحت ضغط).
ومصطلح الضغوط النفسية وُجد أساسًا في علوم الهندسة والفيزياء للإشارة إلى الضغوط والمؤثرات الخارجية على الأجسام مما تسبب أثارًا على تلك الأجسام، وقد انتقل المصطلح بعد ذلك لعلم النفس للإشارة إلى ما يتعرض له الفرد من مؤثرات خارجية تؤثر على حالته النفسية، وللضغوط النفسية أسبابًا عديدة أهمها الضغط الشديد في العمل وعدم إعطاء الفرصة للفرد للترويح عن نفسه أو أخذ قسط من الراحة، وكذلك كثرة المشاكل التي يتعرض لها الفرد داخل عمله وفي بيئته ولا يستطيع مواجهتها أو التكيف معها.
وجاء ديننا الإسلامي بالعديد من طرق التغلب على الضغوط النفسية أهمها وأولها: الحفاظ على الصلاة وإتقان أدائها، يقول رسول الله في الحديث الذي رواه الإمام النسائي(جُعلت قرة عيني في الصلاة)، والصَّلاةُ أعظمُ أركانِ الإسلامِ العَمليَّةِ، ولها أهمِّيَّتُها الخاصَّةُ في الشَّرعِ، وفيها مِن الرُّوحانيَّاتِ والصِّلةِ باللهِ ما يَجْعَلُ القلبَ يَرْتاحُ ويَخْرُجُ مِنْ متاعبِ الدُّنيا إلى مَعِيَّةِ الحَقِّ سُبْحانَه، وقد جعلتُ قُرَّةُ عينِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الصلاة، وفي هذا الحَديثِ يقولُ رَّجُلٌ من خُزاعةَ: سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: "يا بلالُ، أَقِمِ الصَّلاةَ، أَرِحْنا بها"، أي: ارْفَعْ أذانَ الصَّلاةِ وأَقِمْها؛ لِنَستريحَ بِها، وكأنَّ دُخولَه فيها هو الرَّاحةُ مِنْ تَعَبِ الدُّنيا ومَشاغِلِها؛ لِمَا فيها مِنْ مُناجاةٍ للهِ تعالى وراحةٍ للرُّوحِ والقَلْبِ، ولا عَجَبَ في ذلك؛ فإنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم هو القائلُ: "وجُعِلتْ قُرَّةُ عَيْنِي في الصَّلاةِ"، وطَلَبُ الرَّاحةِ في الصَّلاةِ يَصْدُرُ ممَّنْ كان خاشعًا فيها ومُحِبًّا لها، وإنْ كانت ثَقيلةً على البعضِ؛ كما قال اللهُ: {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة: 45].
كذلك من ضرورات التخلص من الضغوط النفسية وعدم التعرض لها أن يؤدي الإنسان أعماله في وقتها ولا يؤجلها، يقول رسول الله في الحديث الذي رواه سيدنا عبدالله بن عباس رضي الله عنه قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لرجلٍ وهو يَعِظُه: اغتنِمْ خمسًا قبل خمسٍ: شبابَك قبل هِرَمِك، وصِحَّتَك قبل سِقَمِك، وغناك قبل فقرِك، وفراغَك قبل شُغلِك، وحياتَك قبل موتِك. وهي قاعدة كريمة يجب أن يطبقها الإنسان في كل أموره.