يضطر الغريق أن يتعلق بأضعف الأشياء - أسباب واهنة - عله ينجو، غير ناظرٍ ما الشيء، وما قيمتهُ! فقط يتشبث كي لا يغرق، فكأن هذا الشىء طوق نجاة في موقف الضيق، ليس بالطويل مداه، فقد تداهمهُ الخُطوب وتبعاتها بعد نجاته، كونه تمسك بالشيء مع أنهُ المقرر لمصيره غير آبيٍ، وكما يقول الرافعي في حديث القمر: "وإذا لم تكن قادراً على أن تنال ما تَطمع فيهِ، فلتكن قادراً أن لا تطمع فيما قُطعتْ عنكَ أسباب نيلهِ؛ فإن غايةَ القُدرة في الحالتينِ الرضى".
فالذكريات وحدها بلاء عظيم، متمسكاً برحمة الله التي وسعت كل شيء، بأن يزيح ويبعد عظيم الذكريات وإن كان فيها متنفسهُ. فإن المرء لن يحصل أبداً على أشياء مكتملة تمناها، يحصلُ على أشياء ناقصة، تنقذه، فإنها تكتمل برضاه عنها.
قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - : "إِنَّ اللَّهَ بِقِسْطِهِ وَعَدْلِهِ جَعَلَ الرَّوْحَ وَالْفَرَحَ فِي الْيَقِينِ وَالرِّضا، وَجَعَلَ الْهَمَّ وَالْحَزَنَ فِي الشَّكِّ وَالسُّخْطِ". فاللهم لك الحمد على عظيم عطاؤك، والحمد لله على فضل منعك. فاللهم إنَّا نسألك الرِّضا بعد القضاء، وعيشَ السعداء.