السكين التى تقطع الطعام الذى يأكله الإنسان ليحيا هى نفسها التى تقطع أحشاءه ليموت.. القلم الذى يمدح ويرفع من قدر أشخاص كثيرين هو ذاته الذى يذم ويخفض من قدر آخرين.. العلم الذى ينفع الناس هو أيضاً الذى قد يضرهم.. الكلمة التى تخرج من فم الإنسان لتزرع المحبة فى قلب إنسان آخر هى نفسها التى تخرج كالأشواك وتجرح وتقطع قلبه.. لأن معظم الأشياء فى حياتنا سلاح ذو حدين.
لو لم يكن للشىء حدين ما كان لعقل الإنسان أن يكون لأن وظيفة العقل البشرى الأساسية هى التمييز بين الأشياء واختيار أحد النقيضين.. العقل السوى هو من يختار حد الخير وغير السوى من يختار حد الشر.. على كل إنسان أن يفكر بعقله ويحدد اتجاهاته الفكرية ولا ينظر للمعطيات من حوله على أنها وحدات محددة تؤخذ كما هي، بل عليه أن يعرف أن كل وحدة يمكن أن تقسم إلى جزأين ليكون كل جزء له وظيفة مختلفة عن الجزء الآخر ولا يتم هذا إلا بواسطة العقل الذى يقوم بدور السكين التى تقطع لتفصل.. والقلم الذى يكتب ليعبر.. والعلم الذى يدرس ليفهم.. والكلمة التى تخرج لتحدد.
حتى معانى الكلمات وتفسيراتها قد تكون سلاحا ذا حدين.. على سبيل المثال لو قلنا كلمة "وحدة": العقل الإيجابى سيترجمها إلى الوحدة الوطنية أو الرياضية أو الإنسانية، بينما العقل السلبى سيترجمها إلى الوحدة التى تؤلم الإنسان وتكئبه وتعزله عن الناس .. نفس الكلمة لها تفسيران متضادين.
أقول لكل إنسان.. لا تنظر للشيء من منظور واحد محدد فتحكم عليه بالسلب أو بالإيجاب وإنما انظر إليه من عدة مناظير وأعلم أن بعقلك تستطيع أن تستخدمه بالأسلوب الذى تريده .. وقبل أن تختار اعلم أن اتجاهك ليس شرطاً أن يكون هو الصحيح لأن غيرك الذى اختار اتجاهك المعاكس قد يكون هو الأصح.. ليس المهم أن تختار وإنما المهم أن تكون مقتنعاً باختيارك ومطمئناً له كغيرك.