هل فكرت يوما من الأيام ماذا يحدث لجسدك بعد تناولك لوجبة فاسدة منتهية الصلاحية؟
بالطبع لن تتردد لحظة فى أن تقول شعور مفاجئ بالإعياء و الغثيان و أحيانا تصل إلى حمى و قشعريرة بالجسد لتصل بك الحال إلى فقدان للشهية وينتهي المطاف بك بالتسمم.
عندما تسألني من المخطئ في الأمر فأقول لك أن النسبة الأكبر تقع علينا عندما لا نستفهم عن مصدر هذا الطعام و هل هو مناسب لنا أم لا.
هكذا هو الحال مع بعض العلاقات السامة التي تنهك الروح و النفس قبل الجسد، فيقع الخطأ علينا في الأمر .
عندما نسمح ببعض الأشخاص السامة بالدخول إلى دائرتنا و ما إن نعطي لهم الأمان في الصداقة أو العلاقة دون حتى أن نتخذ حذرنا في بداية الأمر حتى يبدأون في بث سمومهم تدريجيا دون أن نشعر.
أعلم جيدا من أين نبدأ، سنبدأ من البداية فهي دائما الأجمل و لكنها ليست الأصدق، يمكننا أن نكون سعداء جدا بمقابلة صديق جديد أو عشيق فتكون جميلة ليالي التعارف الأولى التي تلغي فيها عقلك تماما و يكون القلب هو سيد الموقف، غالبا ما يتم خلق خيالا لشخص ما بدلا من أخذه على حقيقته فتبقى معلقا بخيط اللهفة والشغف، الشغف تجاه المحبوب، تؤمن في هذه الأيام برفرفة الفراشات في المعدة -كما يقول المثل الإنجليزي- نعطي لهذه اللحظات كل أوقاتنا و اهتمامنا دون أن نعي أن كل هذا يسحب من روحنا تدريجيا.
تبدأ العلاقة في أن تطور بينهما مع مرور الوقت تنضج وتتغير و يبدأ العقل في أن يستيقظ من غفوته رويدا رويدا فتظهر بعض الصفات التي ربما لم يكونا ينتبها لها في بداية الأمر، فالعلاقات الغير سليمة غالبا ما تنتج عن روابط غير صحية والاختلالات النفسية لدى أحد الأطراف، فيكون أحدهم يعاني من النرجسية و الأنانية كما أنه أحيانا يتحكم في الطرف الأخر حتى يحدث به الضرر دون قصد فتغمض عينيك عن هذه الأعراض فتتمادى في الضغط على روحك، فتبدأ العلاقة في أن تتأكل من الداخل فتظهر و كأنها مازالت مثالية من الخارج لكن في الحقيقة هي أكثر هشة من بيت العنكبوت.
أحيانا ما يبدأ أن يتشكل إحساس زائف بالارتباط فيتحول احد الطرفين لممارسة دور الأب أو الأم في العلاقة من خلال إقناع الطرف الأخر بوهم توفير لهم الحماية والرعاية، فإن مثل هذا النوع من العلاقات ما هو إلا وهم و خداع لذاتهم حتى يتمكنوا من الاحتفاظ بالقرب و العلاقة، فتبدأ العلاقة في أن يحدث بها الخلل لأنها ليست علاقة صحيحة أو سليمة فبها طرف مستمع و طرف سلبي فغالبا يكون هذا الطرف هو مركز المشكلات ومصدر جميع أنواع الاعتداءات.
فيبدأ الطرف المستمع تختلط عليه الأمور في الحياة بين الحب و الكره، بين التوقف والاستمرار، بين الحزن و الفرح ربما كان هذا بسبب الضغط على روحه المُستنزفة للاستمرار في هذه العلاقة أو بسبب ما يتعرض له من صراع مرهق للمشاعر في هذه الرحلة الوعرة التي تكون مشوشة بين العقل و حكمته و القلب و عاطفته.
فيبدأ الطرف ذاته بالشعور بأن طاقته مُستنفزة، لكنه لا يعلم لماذا ولكن إذا بحث بعمق أكثر فسيجد أن السبب هو بعض العلاقات مع اشخاص في محيطه يبثون إليه الطاقة السلبية قادرة أن تسلب المرء سعادته ووقته.
العلاقات الاجتماعية المؤذية الفاسدة هي بحق موضوع الساعة لما لها من تأثير مدمر على أي شخص مر بتلك التجربة.
الخطوة الأولى لتحرير ذاتك من هذه العلاقات السامة هي إدراكك أنك في المكان الغير سليم مع الشخص الآخر فيجب أن تشعر بذلك بعد أي اجتماع مع هذا الشخص المعين أنك حزين من الداخل، مُرهق، طاقتك مُستنزفة فهذا يكفي لان تدرك أن قد جلبت السموم إلى حياتك، حينها انت فقط تحتاج لأن تقف وقفة حازمة مع ذاتك لتتخذ خطوات ملموسة للتحرر.
ولكن كن حذرا عند إنهائك مثل هذه العلاقة التي كنت اعتدت عليه فترة من عمرك فلن تشعر بالسعادة أو الرضا بشكل فوري، فأنت –بلا شك- تحتاج إلى بعض الوقت لكي تلاحظ التغيرات الإيجابية التي ستعود عليك ولكن العملية لن تكون سهلة أو سريعة.
فلمثل هذه التجربة الصادمة أثار جثيمة على أحدهم فيسصاب في بداية الأمر بجروح و ندوب نفسية كبيرة تستمر لفترة يشعر بها بالإرهاق والضياع كأنه في وسط غابة لا يعرف كيف يخرج منها، خياره الوحيد في هذه الفترة أن يظل ساكنا هادئا حتى تلتئم جروحه و يظهر له طريق للخروج من هذه الغابة.
أفضل شىء يمكنك القيام به هو إعطاء فرصة لنفسه للقيام بهذه الرحلة بمفرده لاستعادة ثقته و هويته و التعرف على احتياجاته النفسية في هذه الفترة.
لا يمكن لأي شخص أن يتعافى بالدخول في علاقة جديدة فورا فالقيام بذلك ليس جيدا و سيضر أكثر مما ينفع فالشريك الجديد ليس بمسكن لتداوي به الجروح.
فالعلاقات الصحية الحقيقية هي واضحة كنور الشمس لا تلاعب بها ولا زيف، بل تزيدها الأيام تماسكا و ترابطا أكثر بين الطرفين لتصبح علاقة داعمة و تدفع كلا الطرفين لتحقيق أهدافهم دون ضغوط، فالنفسك عليك حق تستحق علاقة صحية أكثر مليئة بالحب و الاحترام.