د. حسن صادق هيكل يكتب: المرأة العربية وتطلعات مشروعة

إن المجتمعات البشرية لا يستقيم بنيانها إلا بتكامل وتعاون وتزواج وتشارك الرجل والمرأة معاً، فلا تستمر الحياة إلا بوجود الرجال ولا تتكاثر وتتواصل البشرية إلا بوجود المرأة، كما أن رحلة الحياة يجب أن تكون هى ساحة جذب وتنافس للفتيات والفتيان معاً كلاً حسب كفاءته واجتهاده واستعداده وتأهيله وقوامه، علما بأن الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض، كما أن المرأة فى المجتمعات العربية لا زالت هى نصف المجتمعات والقوى العربية المعطلة والمهدرة والمستهلكة، كما أن شريعة الإسلام قد فرضت على الرجال حق الإعاشة والرعاية والكفالة والوصاية والإمامة والحماية للزوجة والمرأة والفتاة والنساء والأسرة بأكملها، كما فرضت على المرأة حق الطاعة لزوجها فى حدود تجنب حرمات الله، وكذا علماً بأن المرأة المعاصرة تمتلك العديد من الفرص والوسائل المختلفة للتعبير عن نفسها والمشاركة الإيجابية والفعالة فى المجتمع ومن هذه الوسائل القنوات الإعلامية والسموات المفتوحة وشبكات التواصل الإجتماعى وغيرها وكذا تحصيل العلم والمعرفة عبر المدارس والمعاهد والجامعات والمراكز البحثية وغيرها وكذا المشاركة فى الحياة الاجتماعية والسياسية عبر منظمات المجتمع المدنى والأحزاب والمجالس الشعبية والنيابية والبرلمانية وغيرها، علماً بأن المرأة اليوم فى حالة صراعات فارقة بين التمسك بالقيم الدينية والإسلامية والأصالة والتقاليد المتوارثة وبين التوجه إلى التحرر والحداثة والمعاصرة والثقافات الغربية.

إن المرأة المصرية قديماً وحديثاً كانت ولازالت هى الشريك الداعم والمساند للرجل فى تربية الأبناء وفى إدارة المنزل وتدبير موارده وفى مواقع العمل المختلفة، كما كانت المرأة المصرية قديماً ملكة والآن وزيرة ومهندسة وطبيبة وقاضية وغيرها، علماً بأن المجتمعات العربية الآن قد كسرت قيود الأمية والجهل والتخلف وفتحت أبوابها أمام مستقبل وطموحات واعدة للفتيات والفتيان على السواء دون قيود أو تمييز فى ممارسة المهن والأعمال المختلفة إلا فى ممارسة محدودة داخل المجالات الأمنية والعسكرية التى تحتاج إلى الرجال دون النساء فى المواجهات والمصادمات المسلحة.

لاشك ان التعليم قد غير طموحات وأولويات وهرمية رسالة المرأة فى الحياة، وكذا علماً بأن مصاعب المرأة العاملة فى المجتمعات العربية تكمن فى مواجهة أعباء أداء العمل وطبيعته وتوقيتاته ومتطلباته واحتياجاته وكذا فى مواجهة متطلبات الأسرة وتوفير احتياجاتها، وكذا علماً بأن المرأة العربية أنياً قد أصبح لها صوتاً مسموعاً ومكاناً محفوظاً فى العمل الاجتماعى والوطنى كما أصبحت وقوداً ورمزاً لجميع ثورات التحرر فى المنطقة والعالم، ففى مصر يوجد لها تمثيل فى الحكومة وجميع الوزارات والمؤسسات الحكومية وغيرها.

المرأة العربية لديها فرص وأفاق إعلامية وتقنية وتكنولوجية وعصرية هائلة كما أنها تواجه مخاطر التغريب وغزو ثقافات التخريب والانحراف القيمى والأخلاقى والتفكك الأسرى، علماً بأن وسائل الإعلام تسعى لتوظيف القضايا والحوارات المتدنية والقصص والأخبار والأحداث الهامشية والصور الصفراء للمرأة من أجل الانتشار والتوزيع، كما أن المجتمعات العربية حتى الآن لم تستطع الاستفادة المثلى من طاقات وخبرات وقدرات المرأة العربية الحقيقية والخفية والكامنة التى لم يستطع أحد اكتشافها حتى الآن، كما أن تمثيل المرأة فى وسائل الإعلام وفى البرلمانات والحكومات العربية وغيرها لازال لا يعبر عن مكونات ومطالب وتطلعات وطموحات ومعاناة المرأة العربية الحقيقية التى تمثل نصف المجتمع وقوة العمل العربية المعطلة.




الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;