عماد عبد الحى الأطير يكتب: الإعلام والفيس والقتل اللذيذ

إن هذا القتل لذيذ لأنه يتم برغبتنا وبمزاجنا ونفرح به وهو يقتلنا بل نتلذذ به، فالقتل فى عصرنا هذا لم يعد بالسيف أو الرصاص بل أصبح بالسيطرة على العقول من خلال الفيس بوك والواتس اب وتويتر.

وتلك السيطرة تشبه إدمان المخدرات لأنها تسيطر على عقولنا وقضت كليا على مراكز الفكر فى معظمنا فمنا من أدمن الفيس بوك وأدمن برامج التوك شو وبرامج تويتر والواتس اب وإنستجرام والشات وغيرها. فلقد استطاعت تلك الوسائل أن تتحكم كليا فى الشخص فى طريقة تفكيره وحياته وأصبحت هى مصدر المعلومات الخاص به بدون التفكير فى صحتها أو صحة المصدر، وقد تسابقت القنوات الخاصة فى إنشاء برامج تهدف إلى أغراض معينة ونجحت فى اقناع جزء كبير بوجهة نظرها. وأصبحت تلك الوسائل نظام حياة فهى كالمخدرات الذى يجرى فى الدم فالشخص قبل أن يتناول طعامه يتناول وجبة الفيس بوك أو وجبة تويتر أو اليوتيوب، سواء كانت تلك الوجبة فكاهية أو سياسية أو فنية.

ومن خلال تلك الوجبة يكون المزاج اليومى الخاص به سواء كان فرحانا أو حزينا وتتحكم فى المزاج الخاص به باقى اليوم، وعندما يريد أن يحصل على معلومات تكون تلك الوسائل هى الطريق ولا يبحث عن مصادر أخرى للوصول إلى المعرفة والتأكد من صحة تلك المعلومات.

الحقيقة إننا تحولنا إلى مدمنين لتلك الوسائل وكلا منا أصبح مدمن حسب اختياره، فمنا من أدمن الفيس والآخر تويتر والآخر برنامج معين والأخرى قناة معينة وتحولنا جميعا إلى مشاهدين ومتأثرين بما نسمع ونرى.

نعم إنه عصر التكنولوجيا وثورة المعلومات ولكن نحن لم نستفد بها من الناحية العلمية ولم نستفد من الإنترنت بالشكل المطلوب، لقد سيطرت تلك الوسائل على جزء كبير وفئة عريضة من الشعب.

يجب علينا أن نتخلص من هذا الإدمان، وأن نستغله فى كل ما هو مفيد وألا نجعله هو مصدر حياة لنا ويجب علينا ألا نجعله يقتلنا ويقتل عقولنا ويقتل أوقاتنا، ونحن نتلذذ بهذا القتل وألا ننجرف وراء برامج القنوات الخاصة وأن نتجه إلى التفكير فيما يقال وفيما نشاهده. يجب ألا نجعل وسيلة معينة أو شخص معين يتحكم فينا فقد يكون من يعرض تلك المعلومات ليس لديهم ضمير فبعضهم باع نفسه لمن يدفع أكثر، فيجب علينا من اليوم أن نخصص وقت للقراءة والمعرفة والثقافة يجب أن تخرج من حياة الملل التى تحيط بها نفسك إلى الفضاء الخارجى وتبحر فى أفكار وأراء المفكرين. كام شخص فينا أقتنى كتاب أو قرأ كتاباً كاملا فى تلك الأيام وأكبر دليل على إننا نتجه إلى حافة الهاوية فانظروا إلى الموضوعات المثارة حالياً من خلال برامج تحتوى على إيحاءات جنسية أو برامج للكبار فقط أو برامج التوك شو والرقص وبرامج أخرى تحتوى على برامج الطبخ وبرامج مستوحاة من الغرب.

حتى البرامج الدينية أصبحت تناقش قضايا فرعية وتنجرف نحو أمور معينة ولو نظرنا إلى القضايا المثارة حالياً فهى قضية اللحى والشارب والجلباب القصير والطلاق الشفهى أو الطلاق التحريرى والنقاب والحجاب. وللأسف كل هذه الأمور ممكن أن يتم حلها بسهولة من خلال خروج فتوى من الأزهر الشريف وإعلان الفتوى الرسمية له وتنتهى كل تلك الأمور الفرعية وعلينا أن نهتم بأصول الدين وتعاليمه بالمعنى الصحيح. نحتاج أن نُظهر الإسلام بالصورة الصحيحة للعالم ونخبر العالم كله أن الاسلام دين التسامح والتعارف وليس دين الإرهاب والسلاح، ويوجد البعض الآخر الذى يروج لفكرة التفرقة بين الأقباط والمسلمين والكنائس والمساجد فيا أخى الإنسان (الدين لله والوطن للجميع) فليس بعنفك وأسلوب الشدة تستطيع أن تقنع الآخرين بما تريد. يجب ألا نضيع وقتنا يومياً فى أشياء لا تسمن ولا تغنى من جوع، فالوقت مهم وربما يغير أشياء كثيرة فى حياتنا، ولنتعاهد على أن يكون لدينا هدف نحققه فأين غذاء العقول من الثقافة والقراءة والاطلاع، فالحياة ليست فيس بوك فقط لكى نتركه يقتل وقتنا ونتلذذ بهذا القتل ونستسلم له. نحن نملك جيلا من الشباب قادرا على تحطيم الصعاب ولكن لو فكرنا وعدلنا من نمط حياتنا وعدم الكسل أو الاستسلام للأمر الواقع، فلو خصص الشخص نصف ساعة فقط فى اليوم لكى ينجز موضوع معين مثل حفظ عشر كلمات إنجليزى أو قراءة خمس صفحات من القرآن أو حتى قام بالمشى يوميا أو قرأ فى كتاب. تخيلوا لو داوم كل شخص على هذا الموضوع يومياً فلتنظروا إلى مدى التغيير بعد شهر فقط سوف يتغير طريقة تفكير وأسلوب الشخص نفسه وكلاً فينا يعلم نقاط ضعفه فأبدأ من اليوم وأنت قادر على تحقيق ما تريد فليس هناك مستحيل فى حياتنا ولكن نحتاج فقط إلى أن نبدأ وسوف تزول الصعاب من أمامنا. ــ لا تعطى لنفسك مبررات أو أسباب أو أشياء تقف أمامك فأنت قرر أن تبدأ، وسوف تحقق ما تريد، فكفانا ضياعا وإهدارا للوقت كل يوم، وعدم وجود هدف فى حياتنا نسعى إلى تحقيقه، وأن نستفيد من ثورة المعلومات والتكنولوجيا لكى تساعدنا على النجاح والتقدم فى حياتنا بدلا من أن تقتل عقولنا وأوقاتنا.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;