كورونا...أنا الشعب...والشعب أنا
سيدهش الجميع وستدهش فيروسات كورونا نفسها من هذا الوسم؛ بيد أنَّ ذاك هو الحق، كلُّ الحق، لقد أخفقت حكومات الدول منذ فجر التاريخ على إحداث نوع من التفهم والمعقولية والمصداقية لدى العقل الجمعى لشعوبها، مُسخِّرة فى سبيل سعيها الدؤوب كل إمكاناتها وإمكانياتها : من وسائلها المختلفة، وأكبَّت تستنهض عزائم رجالاتها المخلصين، وأمددتهم بما استطاعت من مقومات؛ علَّها تبلغ ما تريد، بيْد أنَّها لم تفلح فى استقطاب كافة الأطياف، وقنعت بالسواد الأعظم وثمَّنت ذلك، ومن ثمّ رسخ لديها أن إرضاء الجميع ضربٌ من الخيال، إنْ لم يكن الخيال نفسه، لا سيما وأنَّ نظرية: (الحاكم الإله المقدس) والعلاقة: أحادية القطب، قد وجدت صدًى لدى النفس البشرية، وأنَّ العقل الجمعى، كان قد سلك سلك الريبة والتوجس من قرارات حكوماته على مرِّ أحقاب متطاولة، وأنَّها فى غالبيتها، أبدًا، لم تكن خالصةً لوجه الله، ولا لوجه شعوبها؛ على الرغم من سياجها بالترهيب تارة وبالترغيب تارة أخرى؛ لذا وطنّت أنفسها على وجود ثُلَّة مناوئة لحكمها، وأيقنت أنْ لا بأس من ذلك، ووطَّنت أنفسها أيضًا على مجابهتها بكل ما أوتيت من قوة ،على هذا كله سارت العلاقة.
لقد أقرَّت حكومات الدول قرارات، ظاهرها العذاب وباطنها الرحمة، أقرَّت :حظر التجوال وتقييد الحريات، والالتزام بالبيوت وغلق المقاهى وقاعات الأفراح والكافيهات، والمطاعم والمحلات ..إلى آخره، وكل ذاك تضييق مؤكد للرزق واستجابت الشعوب لقادتها وحكوماتها، بل ربما استبقتها فى ذلك، بعدما ناشدتها المبادرة، بل وثمَّنت نهجها الميمون؛ رغبة فى موفور الصحة والعمر المديد، إنْ لم يكن لها، فلأبنائها، ولم تجد الدول لا كبير ولا قليل عناء فى ذلك؛ بل إنَّ أفرادًا من الشعوب، جعلت على عاتقها رصد أى خرق، استحال الكل حاكمًا ومحكومًا، وتأكدت نظرية العقد الاجتماعى ل :(جان جاك روسو)، فى تسامح الشعوب فى بعض الحقوق، مقابل الحرية، فما نظنه الآن قيدًا، هو الحرية، فيما بعد ،
فالكل فى كورونا سواء.
والغريب حقًّا، أن المعارضة لم تجد مفرًا –راغمةً صاغرةً-من الانصياع لقرارات الحكومة، بل ومناشدة الشعوب بتنفيذها؛ مخاطبةً وُدّها؛ فلم تستطع أن تستمرئ على إرغامات وإكراهات، فرضتها عليها تلك الحكومات، طواعيةً!!؛ لأنها اطمأنت لتكامل جهود ومساعى الحكومات الحثيثة لاجتثاث هذا الوباء، وآمنت أنها أمام نسيج موحَّد، لن تفلح فى النَّيْل منه، فتخلَّت عن الخط الموازى المناهض للحكومات-إلى حين ؛ لأنها ستغرد وحيدةً فى السّرب آنذاك ، وستفقد بعضًا ممَّا حقَّقته -كما تتوهم -وستدرك الشعوب حينها أنَّها نقيض الصَّالح العام الذى تزعم ابتغاؤه، يُثاب المرء رغم أنفه.
لقد قطعت حكومات الدول عليها خط الرجعة، وقوَّضت أحلامها باجتذاب أفئدة بعض الأفراد، فلم تترك لها موضعًا لقدم صدق؛ بل ربما وجدت المعارضة أنه ما من طريق أجدى لبقائها على قيد الحياة - إذا أرادت التواجد على الساحة -سوى أن تجنح لجهود الحكومات المخلصة وتباركها .
على الحكومات أن تعىَ الدرس، فيما بعد كورونا، وتجتهد قدر طاقتها فى اصطفاف أطياف الشعوب كما كورونا؛ لانتزاع شأفة الشقاق، ودحْر كيد الكائدين.
هنيئًا للشعوب بحكوماتها، وهنيئًا للحكومات بشعوبها.
لله درّك ياكورونا!!
لا صوت يعلو فوق صوت كورونا، لا صوت يعلو فوق صوت الدولة.