افترقنا بعد سنوات الدراسة الجامعية، كان اللقاء بضعة دقائق أو أكثر كل عام أو يزيد، تغيّرت فيه أشياء كثيرة، كما حدث للغالبية من زملاء الدراسة ممن سافروا بحثا عن الرزق فى الخارج.
ألتقيه دائما، بجلباب أبيض يأخذ بخناقه، مرتديا تحته بنطال أبيض، دائما فى الجيب الأعلى من ناحية اليسار، كانت تظهر العلامة الشهيرة لسجائر "المارلبورو" ولا أعلم الحكمة من وراء الإصرار على إظهارها بتلك الطريقة الفجة. وفى جيب الجلباب الجانبى، دائما كانت تبدو عملات ورقية غالبا من فئة المائة جنيه أو أخرى أجنبية.
الملبس بهذا الشكل، كان يمثل مشكلة كبيرة فى بلد شديد الحرارة فى الصيف، ولا أعلم العلة من وراء التمسك بهذا المظهر الوافد، على أن المظهر فى الملبس كان يتعدى دائما، التشدق بمفردات لغوية "دارجة" دلالة على إعجاب وهيام بثقافة خليجية تمثل مورد رزق له.
التوجس شرا من الجميع والإيمان الجازم بأن الكل (من حوله) يطمع فيه وفى ثروته أو يتوددون إليه طمعا فى خدمة أو مصلحة تُرجى من وراءه، تلك أفكاره دائما كان يصرّح بها خفية أو جهرا، بخلاف تأفف مزمن من الشوارع والبلد والناس أجمعين.
الحالة كانت تستمر معه الأسابيع الأولى من إجازته الصيفية، وتختفى فجأة قبيل السفر بفترة قصيرة ليرتد كما عرفناه وألفناه، ثم يأتى السفر ويتكرر المشهد صيف كل عام.