عندما تلتقي بشخص، وتجده حساسًا بدرجة كبيرة، فتأكد أن تلك الصفة أصبحت مُلازمة له؛ بسبب كثرة ما لاقاه من آلام في الحياة، ربما لو اطلعت عليها لعذرته، وربما تستهين بها؛ لأنها قد لا تُسبب لك ذات الحرج، لو كنت أنت الذي مررت بها، فالمسألة نسبية، وما يُؤلم أحد الأشخاص، قد يُسبب بعض الضيق فقط لغيره، ولكن العِبْرة باحترامنا لآلام الآخرين، وما ينتج عنها لهم، دون أن نُصاب بالدهشة؛ لأننا لو تفكرنا سنجد أننا أحيانًا نُصاب بآلام، وتعترينا أحاسيس مُوجعة، في حين أنها لا تُسبب ذات الألم بذات الدرجة لغيرنا.
فالحساسية المُفْرطة غير مطلوبة بوجه عام؛ لأن خير الأمور الوسط، ولكن تحقيق هذه الوسطية هو المُعْضلة الحقيقية؛ لأن الإنسان بطبيعته لا يملك الميزان الحساس، الذي يُمكنه من قياس كل لحظة، وكل إحساس، وكل فعل ورد فعل يمر عليه، فهو يتصرف وفقًا لطبيعته وتنشئته، الذي تفرض عليه سُلوكياته ومردود أفعاله.
وهناك أمر آخر، فأحيانًا نجد أحد الأشخاص مُتوازن جدًا، مع كل من حوله، ولكنه مُصاب بداء الحساسية المُفْرطة، تجاه أحد الأشخاص، وهذا الأمر قد يرجع لعدة أسباب، إما لحُبه وتعلقه الشديد بهذا الشخص، أو أن ذلك الشخص قد تسبب في إيلامه بشدة في إحدى فترات حياته، أو رُبما أنه لا يتعامل معه بما يتوافق وطبيعته الحساسة.
ولكن في كل الأحوال يتعامل معك بحساسية، تأكد أنه أكثر شخص سيُراعي أحاسيسك، فنعمة الإحساس هي أجمل نعمة يملكها الإنسان، فهي تجعله لديه ترمومتر حساس، يشعر بكل من حوله، ويسعى لاحتوائهم بشدة.
وإذا أردت أن تملك قلب شخص حساس، فما عليك سوى أن تُعامله برقة شديدة، تتلاءم مع أحاسيسه المُفْرطة، وتأكد أنك ستكسبه إلى الأبد؛ لأن هذه النوعية من البشر لديها كم هائل من المشاعر، ولو أحببتك، ستُحبك بصدق وبمُنتهى الإخلاص، وستراك من داخلك، ولن تعبأ بالمظاهر الخارجية.
لذا، لا تنظر لمُرْهف الحس من الناحية السلبية، فلو تفهمته ستُدْرِك أن إيجابياته تعم دائمًا على من حوله، في حين أنه الوحيد الذي يُعاني من أحاسيسه المُفْرطة، ولا تقل عليه أنه شخص حساس زيادة عن اللزوم، بل قُلْ لديه إحساس مُرْهف، في زمن مات فيه الإحساس.