سألني أحد الأشخاص، متى أحكم على شخص أنه يُحب، فأجبت بُدون تفكير عندما يهتم، فالحُب أساسه ومبعثه الاهتمام الشديد بدون أسباب أو طلب، فمن يهتم بك، لأن هذا واجب عليه والتزام، فهو يُؤدي واجباته، ومن يهتم بك لأنك طالبته بذلك، فهو يُلبي نداءك، أما من يهتم بك من تلقاء نفسه، وبدون أن يكون مُلزمًا بذلك، فهو في الواقع يُحبك حُبًا حقيقيًا.
وصور الاهتمام ليست محصورة في أشكال مُحددة، فهي مُتعددة، ومن يُحب يفعلها كلها، مثل أن يهتم بشئونك، ويخشى عليك في مرضك، ولا يتحمل فكرة أن تكون غاضبًا منه، ويقلق إذا استشعر أنك في خطر، حتى لو كان خطرًا بسيطًا، ويغار عليك، ولا يهدأ له بال، طالما أنك في مُشكلة، ويُحب كل من ينتمي إليك، ولا يسمح لنفسه أن يجرحك، ويشعر أنك جزء منه، وكأنك من دمه ولحمه.
فمن يفعل معك ذلك، وهو في حِلٍّ من ذلك، فهو بالفعل يُحبك حُبًا حقيقيًا، وهذا الشخص يستحق أن تمنحه اهتمامك وولاءك، وألا تستغني عنه، أو تُجازف به.
وصدق من قال: الاهتمام سيد البقاء، والإهمال بداية الرحيل، فبالفعل، لا يُمكن لشخص طبيعي أن يرحل عن شخص يُحبه ويهتم به؛ لأنه يجد ذاته معه، والعكس صحيح، فمن يُهملك ويتجاهل شئونك، ولا يعبأ بأحزانك أو مشاكلك، فليس من الطبيعي أن تبقى معه؛ لأنك لن تجد نفسك معه، فهو لا يُرضي غُرورك الإنساني.
والغُرور الإنساني مُباح ومسموح به، فمن حق كل إنسان أن يجد من يُشْعره بذاته، وبأنه مُتميز على بقية من حوله، وأنه أهم شخص في حياته، فلو أردت أن تكسب قلب إنسان، وتعيش في حالة من الحُب الدائم، فعليك بالاهتمام، فهو أهم سبب لتعلق إنسان بك على الدوام.