لكل يوم فى ذاكرة الأوطان الحرة حكمة وأقدار وتاريخ، وشاء الله أن يكون هذا اليوم تاريخ نكسة ألمت بالأمة العربية جمعاء لا مصر وزعامتها ولكنه في ذات اللحظة وبعد الصدمة كان يوما لنهضة أمة قررت أن تعود وتقف على قدميها وتصحح أخطاءها لتمحو عار هزيمتها وتحوله إلى يوم همة وعمل.
جميعنا يتذكر فقط أنه يوم النكسة، وما أسوأ الذكرى، وينسى أن من رحم هذا اليوم كانت أيام الاعتراف بالخطأ وأيام بدء العمل وأيام التخطيط وأيام الانتقام لحرب الاستنزاف المجيدة المظلومة ببطولاتها بين صفحات التاريخ، وأيام إعادة بناء القوات المسلحة عن علم ووعي وتخطيط ودراسة حتى جاء يوم الثأر ويوم المستحيل بالعبور العظيم ومحو عار كل هزيمة مع شرارة فجر نور جديد.
ثم نسقط من الذاكرة تماما أن هذا اليوم أيضا كان يوم إعادة فتح قناة السويس شريان الحياة والخير للعالم أجمع.
فلكل من تذكر هذا اليوم المرير، أن يتذكر معه حجم التضحيات والفداء والعرق والكفاح من أجل عودة أمة بأكملها قررت أن تجعل من المحنة منحة ومن الانكسار والعار إلى أيام عز وفخار، ولولا هذا اليوم ما قلنا ولا ذكرنا لأبنائنا يوما أن هناك أمة قررت في يوم عثرتها أن يكون بداية ثورتها وطريق كفاحها ونضاله لتثبت للعالم أجمع في ست سنوات أنها عرفت طعم النصر من رحم الهزيمة، وأنها عرفت قيمة التخطيط والعمل والكفاح وبذل الروح والنفس من أجل الجهاد في تحرير الأرض والروح.
عجبا لكل من يتذكر يوما ويتناسى أياما خرجت من رحم ذات اليوم.
الشعوب الكبرى فقط هى من تبنى نهضتها من عثرتها وتعرف كيف تجعل من المحنة منحة وكيف تداوي جراحها وأتراحها بأفراحها، لذا كان هذا اليوم أيضا ذكرى الاحتفال الكبير بإعادة افتتاح قناة السويس.