الحذر كل الحذر أن تكون كالشريك المخالف، عبارة كان الأهل والكبار يرددونها على مسامعنا، قبل أن نبدى أى رأى فيما يثار أمامنا من موضوعات رغم تفاهة بعضها، إذ كان ينتابهم قلق كبير وخوف غامض من أن نسير على غير الهوى العام أو أن نبدى من الرأى ما يخالف المجموع.
لا غرابة أن يُشتق التعبير "الشريك المخالف" مما درج عليه الفقه قديما وسار عليه رجال الدين، ولا يزالون من الإصرار على مفهوم "رأى الجمهور" ذلك الصنم الذى عبدوه وأنزلوه منزل قداسة معنوية، وآمنوا عن يقين بأن من يخالفه الدين منه براء.
الفكرة ألا يكون لك فكر إلا ما يسود وينتشر بين الناس كالنار فى الهشيم، وأن تُعطّل ملكة التفكير التى وهبها الله إياك، وأن تُسلم عقلك لمن يحشوه ليل نهارا بما يريد.
" لا تكن كالشريك المُخالف" تعنى أن تؤمن بما يؤمن به المجموع، وأن ترددّ كالببغاء ما يقولون، وأن تلغى عقلك، باختصار أن تقتل بداخلك ملكة النقد والتفكير فهى أشياء لا يحبذها المجتمع ويراها خطرا على صاحبها، ويستعيذ بالله منها وممن يُصّر على التمسك بها.
" لا تكن كالشريك المخالف" مفهوم يرسّخ لسياسة القطيع، الكل ينضوى تحت لواء واحد، حيث نعيم الحظيرة والمرعى والدفء، والنفى للمعارض، والترهيب بالطرد لعالم غامض محفوف بالمكاره وملىء بالذئاب المفترسة.
" لا تكن كالشريك المخالف" خيار بين اثنين لا ثالث لهما (من وجهة نظر الجمهور)، إمّا أن تكون بهيمة تنعم بالأمن والأمان فى الحظيرة أو أن تكون طريدة للسباع.