جأت بهم الصدفة. وكانت هنالك صفات عديدة مشتركة بينهما كمثل طهارة القلب والمحبة ونضوج الفكر. قال أولهم لثانيهم ألا نعمل شيئاً يزيد محبتنا ويقوي علاقتنا، قال بلى، وما هو الشي. فأجابه قائلا نجعل عهدا بيننا كي لا يدخل الشيطان فيفسد ما بيننا من ود وصفاء ونخسر بعضنا. فتعاهدا أن يكونا متحابين في الله رب العالمين مدى الحياة.
وبدأت علاقتهما تسير علي الوجه الذي يرضي الله، وغالبا ما يتدارسان العلوم الإنسانية والإسلامية وأحياناً الاجتماعية. وفي كل يوم تزداد المحبة بينهما أكثر من السابق. هنا السؤال يطرح نفسه كيف تكونت هذه المحبة بينهم؟. الإجابة أيها الأخوة لأن جمعتهم محبة النبي صلى الله عليه وسلم وطاعة الله. فالأرواح جند مجندة ما تعارف منها اتلف وما تناكر منها اختلف. فدائما عندما تكون الصداقة في الله. الله سبحانه وتعالى يبارك فيها. وإذا كانت الصداقة لأمر دنيوي لن يكتب لها النجاح وكلما كان هناك إخلاص بين المتحابين كانت الأرواح في تجانس بينها، ولقد ضرب لنا ابوبكر الصديق في محبته للحبيب صلوات ربي وسلامه عليه أروع الأمثلة، فلقد امتزجت روحه بروح الحبيب حتى أصبح يمرض إذا مرضى المصطفى ويرتوي إذا ارتوى، قال أبو بكر الصديق. شرب النبي حتى ارتويت أنا} .
ومن عظيم شرف المتحابين في الله {أنهم في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله}، فذات يوم دار بينهم حديث قال أحدهم للآخر يا عزيزي، فأجابه قائلا {نعم يا من زرعتم في قلبي محبتكم و صرتم في قرار العين سكانا}، فرد عليه الطرف الثاني قائلاً {وأنتم كذلك أقمتم بأرض قلوبنا، فما أظنكم تبرحونه هجرة}، فأجابة الطرف الأول بعد هذه الكلمات المليئة بالود والمحبة قائلاً {أيعقل أن أبرح أرضاً أخذتني بأحضانها وأعطتني من نعيم أحشائها؟}، فتبسم الطرف الثاني متسائلاً {وما الذي أعطتك إياه هذه الأرض؟ أثمر ناضج؟}، فأجابه الطرف الأول وفي عيناه الحب قائلا {أعطتني ثمرا مختلفا أنواعه من صدق ووفاء وإخلاص وحب فلما أمتلك هذه الثمار وكأنني أمتلك كل ما في الدنيا}، فرد عليه الطرف الثاني بكل تواضع وخجل {كيف أقابل هذه الإشادة، من قلب لطيف، ولكني أخشى أن تكون قد أثنيت علي بما ليس في... فيخيب ظنك يا عزيز القلب}، فأجابه الطرف الأول قائلا له بكل ثقة {هذا ليس بثناء لأن الثناء ربما يقوله أحد لمجرد المجاملة بل هذه كلمات ألهمني إياها الله تخرج من القلب العاشق إلي قلب المعشوق ولا أظن أن يخيب ظني بمحبوب قد أحببني من فؤاده}، فأجابه الثاني بكل ود قائلاً {إذن، فلنتكل على الله، ثم على الظن الحسن منك في، ومني فيك، وتسير الأمور بخير وبركة إن شاء الله. أيدك الله بتأييده، وبنوره الأعلى} وظلت علاقتها وطيدة إلي يومنا هذا وأسأل الله دوم المحبة فيما بينهما ماشاء الله.