د. عبد العليم سعد دسوقى يكتب: تنمية الصحراء الطريق لنهضة مصر

تتمتع مصر دون غيرها من دول حزام الصحارى المدارية بنصيب أكبر نسبيا من المياه، لوجود نهر النيل فيها والذى يتم تبديد الكثير من مياهه، إضافة إلى مصادر أخرى من الموارد المائية، فالأمطار تسقط على الساحل الشمالى وإن كان بقدر محدود ومع ذلك فإن جزءا كبيرا منها ينساب إلى البحر، والمياه الجوفية موجودة فى مناطق عديدة من الصحراء وإن كانت بكميات محدودة وعلى أعماق مختلفة، فإن الواجب يحتم علينا الحفاظ عليها واستخدامها بشكل أفضل، فمن المؤكد أن مردود استخدام وحدة هذه المياه فى مجال التوسع الصناعى سيكون أكبر من مردود استخدامها فى الزراعة، وأفضل أماكن بناء الصناعة هو ما جاور مصادر الطاقة وما جاور البحر. إضافة إلى إمكانية الاستفادة من إعادة أستخدام مياه الصرف الزراعى والصناعى والمدنى بما يوفر قدرا من المياه يمكن استخدامه فى التوسع الزراعى، وحتى المياه التى تحتوى على درجة من الملوحة هناك إمكانية استخدامها فى زراعة النباتات التى تتحمل هذه الملوحة. إن تنمية الصحراء وإنشاء مجتمعات عمرانية جديدة متكاملة يوفر للدولة التكاليف المالية الثقيلة من إقامة الكبارى والجسور والأنفاق فى المدن الكبرى، وإقامة الطرق الدائرية حول هذه المدن، فالأنفاق والكبارى والطرق الدائرية، من وجهة نظرنا هى مسكنات وقتية لا تعالج أمراض الزحام والتلوث والضوضاء والفوضى السلوكية للمركبات والناس، والنتيجة دوما لاستعمال المسكنات هى الحاجة للمزيد منها مما يزيد الحالة سوءا، أما الحل الناجز فهو فى تنمية الصحراء وتعميرها بالبشر والشجر.

لقد حبى الله مصر العديد من الثروات والهبات وخاصة فى أراضيها الصحراوية ففى سيناء مثلا ( تصل مساحتها إلى 60 ألف كم2 ) يوجد العديد من الثروات والمعادن مثل البترول والمنجنيز ومناجم الذهب والأحجار الكريمة، وبها أيضا أكبر تجمع رملى نقى مشبع بالسليكون ( يستخدم فى الطاقة الشمسية ) والذى يتم تصديره إلى اليابان لاستخدامه فى الصناعات الإلكترونية، أما الصحراء الشرقية فتمتد على طولها الشواطئ والمياه الجوفية، وأيضا فى الصحراء الغربية مخزن هائل للمياه الجوفية يصلح للزراعة والصناعات الثقيلة بالإضافة لأراضيها التى يستخرج منها الحديد والبترول، ولكن معظم هذه الثروات مهدرة ولا تستخدم الاستخدام الأمثل أو بفعالية.أما سلاسل الهضاب والجبال فمليئة بثروات الرخام والبلور والنفائس الكريمة وهى جاذبة للتنمية والاستثمار والتطوير المستدام.

على كل حال، يقع على مراكز البحوث الزراعية والاكاديميات العلمية والجامعات دور كبير ورئيسى فى تنمية الصحراء، وهو البحث عن المياه وتحديد نوعها واستخراجها وتحليتها سواء كانت ملوثة أم مالحة، ومعالجتها علميا وصحيا لكى تصلح للشرب والزراعة وذلك لأنه من غير مصدر مياه لن يحدث أى شكل من أشكال الحياة فى الصحارى المصرية، أما الطاقة فلابد من الاعتماد على الطاقة النظيفة والمتجددة وخاصة الطاقة الشمسية فى هذه الحياة والمجتمعات الجديدة. أما التحجج بالتكاليف الاقتصادية فى استخدام الطاقة الشمسية فيتعارض مع التنمية المستدامة، رغم أن الواقع العملى والتجريبى يثبت خلاف ذلك؟ ففى تجربة عملية فى صحراء مرسى مطروح تم أستخراج المياه الجوفية بأستخدام الطاقة الشمسية ( الخلايا الشمسية على مساحة 650 م2)، وبتكلفة 450 ألف جنيه مصرى وتستمر لمدة 23 سنة – فقط بعض التنظيف للخلايا والصيانة البسيطة جدا، وقد تدفقت المياه باستخدام هذه التقنية بمعدل 92 م 3 / الساعة فى حين أن المعدل العالمى86 م 3 / الساعة.

وخلاصة القول، فإن تنمية وتعمير الصحراء يلزم أن يكون أحد المحاور الرئيسية لنهضة مصر فى السنوات القادمة والذى يلازمه تطوير وتنمية المدن الظهيرة لوادى النيل واستخدام الطاقة المتجددة وخاصة الطاقة الشمسية وتشجيع جميع فئات وقطاعات المجتمع الاجتماعية والاقتصادية وخاصة الشباب وبكل الوسائل والمساعدات والإغراءات سواء المادية أو الأدبية أو النفسية أو التوعوية أو القانونية للفوز لمصـر بهذا المارثون التنموى والحضارى.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;