عندما تقوم بعمل ما يكون أمامك هدف تحاول تحقيقه، فعملك مرتبط بما تسعى إليه من هدف. فالتلميذ متوسط المستوى يكون هدفه النجاح فقط فى الامتحان فيكون عمله مناسب لهذا الهدف. ولو كان هذا التلميذ يسعى للتفوق فيلزمه تغيير العمل تبعاً لهذا الهدف الجديد وهو التفوق.
والأفلام السينمائية تختلف بحسب الهدف منها، فإذا كان الهدف تجارياً بحت أى المكسب المادى فقط، اتجها المنتج والمخرج لعمل يناسب هذا الهدف، فالتيمة الجاهزة راقصة ومطرب وبلطجى ينتصر على الجميع فى نهاية الفيلم، ويحصد منتج الفيلم مكاسب سريعة لهذا العمل. ولو كان الهدف من العمل السينمائى تقديم فكرة ذات قيمة للمتلقى، فكرة تستحق المعاناة من الجميع، ويقصد صناع الفيلم فئة معينة من المتلقين لهم سمات خاصة، فهذا الفيلم الهدف منه الفكرة فقط ويكون الربح المادى إن وجد من آثاره الجانبية. ومع مرور الأيام يبقى الفيلم الذى يقدم قيمة ويندثر الفيلم التجارى. وهذا حال السينما دائماً، يبقى فقط الثمين من العمل، ويضيع الغث منه. وعلى سبيل المثال هناك الكثير من الأفلام التى لم تنجح فى عرضها السينمائى ولكنها نجحت بعد ذلك عندما عرضت على التلفاز وتفهمها الناس. هذه الأفلام سبقت عصرها، وعلى سبيل المثال فيلم صلاح أبو سيف " بين السما والأرض " هذا الفيلم لم ينجح تجارياً فى بداية عرضه ولكن الأيام أثبتت أنه من أهم الأفلام التى قدمتها السينما المصرية، وبهذا الفيلم بدأ صلاح أبو سيف تقديم سينما الواقعية. وهناك نموذج آخر وهو فيلم " شيء من الخوف " ففى بداية عرضه أرتبك المتلقى ولم يستقبله الاستقبال اللائق به، ولكن عندما أفرج عنه تليفزيونياً نجح نجاحاً كبيراً وأصبح من علامات السينما المصرية. وفيلم الحريف لعادل إمام، استقبله المشاهدون فى عرضه الأول بالتصفير مما أضطر له عادل إمام الخروج من السينما قبل انتهاء العرض. لم يفهم المشاهد مغزى الفيلم فى حينها ولكن عند عرضه تلفزيونياً فيما بعد صار من أهم أفلام عادل إمام وأكثرها ثراءً فى الفكر. وكل هذا يقودنا للحديث عن فيلم خالد الحجر الأخير " حرام الجسد " الذى لم يلقى النجاح التجارى المعقود عليه. الفيلم يقدم تناول مخالف وطرح مختلف، يقدم الفيلم رؤية خاصة للمخرج، يحاول من خلالها كيف يكون الجسد مباحاً للجميع، وكيف لا يملك صاحب هذا الجسد قول لا لمن أراد جسده. فالزوج استباح هذا الجسد بدعوى حقه الشرعى، والمحب استباحه بدعوى الحب، وصاحب المال استباحه بنفوذه المادى. وكيف أن صاحب هذا الجسد يتوه بين الاستباحات الثلاثة. "حرام الجسد " لم تكن الثورة لاعباً أساسياً فى قصته بل كانت نقطة زمانية لهذه القصة، وقد جازف المخرج ببطلى الفيلم وفيما أعتقد أنه نجح فى هذه المجازفة. " حرام الجسد " أضعفته تجارياً أربعة أشياء:
النقطة الأولى: الدعاية السلبية التى سبقت الفيلم واتهامه بطرح فكرة زنا المحارم، هذه الدعاية أثرت على الفيلم.
النقطة الثانية: تصنيف الفيلم للكبار فقط، فالفيلم لا يحتوى على مبررات وضعه فى هذا التصنيف.
النقطة الثالثة: ضعف الدعاية التى صاحبت الفيلم، فى حين أن هناك أفلام أقل جودة منه صاحبتها دعاية مكثفة أثناء العرض مما جعل المشاهد يتجه إليها.
النقطة الرابعة: توقيت عرض الفيلم أثناء فترة الاستعداد للامتحانات، مما جعل الفئة المستهدفة لمشاهدته مشغولة مع أبناءها فى التحضير لموسم الامتحانات. فيلم "حرام الجسد" ستتضح قيمته فى الأيام المقبلة حين ينال الفرصة والكاملة للمشاهدة من المتلقى. فيلم " حرام الجسد " خطوة جيدة للمخرج خالد الحجر ولبطلى الفيلم ناهد السباعى وأحمد عبد الله. فيلم تم توظيف الصورة والإضاءة والديكور كعمل عالمى. فيلم "حرام الجسد" ينتظر فئة خاصة من المتلقين عندها فقط سيظهر تأثير هذا الفيلم.