أثبتت التجارب أن مصادر قوة الدولة ومكونات نفوذها تتغيـــر، وأن القوة العسكريـــة وحدها لم تعد تحقق الأهداف المرجوة التي تسعى الدولة لتحقيقها، وأن أشكال القوة متغيــرة؛ فمنها القوة الصلبة، والتي تتمثل في القدرات العسكرية والاقتصادية، وهناك القوة الناعمة، والتي تتمثل في العوامل غير المادية كالثقافة والقيـــم، ومع ثورة المعلومات تم إضافة عنصر جديد لقوة الدولة وهو" القوة الإلكترونية"؛ حيث أصبح من عناصر قوة الدولة امتلاك التكنولوجيا والمعلومات، والقدرة على إنتاج التكنولوجيا المتطورة عن طريق الاختراع ونشر الإبداع، وهذا ما حرصت عليه القيادة السياسية في مصر وإيمانها العميق بدور التكنولوجيا الرقمية والمعلوماتية، حيث أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية يوم الاثنين الماضي 29 يونيو 2020م افتتاح وإطلاق الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية، ليكون بوابة كاملة من الإنجازات المصرية التى تتم على أرض الواقع، وسجلاً رقميًا لكل القضايا المصرية علي الساحة المحلية والإقليمية والدولية، وقال إن هذا الموقع يعتبر فرصة جيدة لكل مصري، ولكل من يرغب في الاطلاع على ما يحدث في مصر.
ومع ثورة الإعلام الرقمي وصعود دور شبكات التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهواتف الذكية، أصبحت هذه الآليات إحدى أهم وسائل "الدبلوماسية" وتحولات "القوة الناعمة" وظهور ما يسمي "بالقوة الالكترونية" التي تستخدمها الدول لترويج قيمها وأفكارها، من خلال مخاطبة الملايين من الناس عبر هذا الفضاء اللا محدود مباشرة، فيما صار يعرف بـ"الدبلوماسية الرقميـــــة"، والتي زاد الاهتمام بها في الدوائر البحثية والأكاديمية، وكذلك في دوائر السياسة الرسمية، والتي كشفت مدى الحاجة إلى مد الجسور بين الشعوب والأمم وإيجاد مساحات للتفاهم والحوار، وهذا ما حرصت عليه القيادة السياسية في مصر لتثبت للعالم أجمع أنها تملك أدوات المعرفة والثروة الرقمية التي يضعها من ضمن الدول المتقدمة تكنولوجيا وعلميًا .
واستغرق تأسيس الموقع الرئاسي جهدا كبيرا فى تجميع وتبويب وفهرست المادة العلمية والإخبارية المتعلقة بمؤسسة الرئاسة المصرية، حيث قام على ذلك فريق ضخم من المركز الإعلامي لرئاسة الجمهورية بالتعاون مع وزارة الاتصالات المصرية، مما يعكس استخدام مصر الفاعل والقوي لأدوات الدبلوماسية الرقمية في تحسين صورة مصر والتعبير عن قضاياها .
وينقسم الموقع لأبواب متعددة، أولها معلومات أساسية عن الدولة المصرية، ثم معلومات عن مؤسسة الرئاسة تبدأ برئيس الجمهورية والرؤساء السابقين، وسجل كامل عن الحائزين على الأوسمة المصرية، ثم صندوق تحيا مصر ومتحف رئاسة الجمهورية، والقصور التاريخية وافتتاحات رئاسية ومشروعات قومية، وباب عن المؤتمرات الرئاسة المحلية والعالمية، ثم المبادرات التى تطلق تحت رعاية رئيس الجمهورية، مع خدمة البث المباشر للمؤتمرات، ويحوي الموقع على نافذة "الرئيس يجيب" وأبرز المبادرات الرئاسية مثل حياة كريمة ونور حياة ودعم صحة المرأة المصرية، ومعلومات متكاملة عن الوطن ودستوره وخطة مصر 2030م والسياحة، والقضايا التنموية والتعليمية والصحية والثقافية والبرلمانية في مصر، كما يصدر الموقع بثلاث لغات العربية والإنجليزية والفرنسية.
وتصدر رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية، ضمن الأكثر بحثًا على المؤشر العالمي جوجل خلال الأربعة والعشرين ساعة الأولي، فور إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسي، تدشين الموقع الرسمي لمؤسسة رئاسة الجمهورية مما يدل علي أهمية ومكانة مصر رقميًا وتكنولوجيًا .
كما أن الموقع يعد بمثابة توثيق رسمي رقمي لكل فعاليات وأنشطة مؤسسة رئاسة الجمهورية، ويستهدف كل من هو مهتم بالشأن المصري في كل دول العالم، وسند علمي لكل الدارسين والباحثين المهتمين بالقضايا المصرية، وهذا ما أكده السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن الهدف الرئيسي من الموقع الرئاسي الجديد هو توفير منصة إلكترونية تتسم بالمصداقية، وأن الموقع الرئاسي سيقوم بالرد على الشائعات أو المعلومات غير الصحيحة، مشيرًا إلى أن الموقع يتيح للرواد جميع ما يبحثون عنه من معلومات دقيقة، وتابع أن الموقع يتيح للرواد دخول القصور التاريخية والتعرف عليها بالصور والفيديوهات، لافتًا إلى أن الموقع به أحدث الوسائل الإلكترونية، مما يعكس في النهاية صورة مشرفة لمصر وللمصريين عبر العالم .
كما ساهمت التطورات التكنولوجية في إضافة أدوات جديدة وقدرات غير تقليدية يُمكن للدول استخدامها في إدارة العلاقات الدولية، فقد أضافت أبعاداً جديدة لأدوات القوة التقليدية للدولة سواء كانت صلبة أو ناعمة، وهي قوة الفضاء الإلكتروني (Cyber Power) وهي القدرة على تحقيق الأهداف المرجوة من خلال استخدام مصادر المعلومات المرتبطة بالفضاء الإلكتروني، حيث تعد التطورات التكنولوجية وسيلة داعمة وفعالة للقوة الناعمة، وطريقة سهلة لتنفيذ سياسات الدول وتحسين صورتها، وهذا ما أكده الرئيس عبد الفتاح السيسي في أنه يمكن للصحفيين والعاملين فى وسائل الإعلام المحلية والعالمية بسهولة الاستعانة بالمعلومات والبيانات والإحصاءات وموقف مصر من القضايا المحلية والإقليمية والدولية عبر موقع الرئاسة الجديد بعيدًا عن المغالطات والشائعات، ويمكن الاستفادة منها عند الإعداد لأي برنامج إعلامي أو كتابة مقال صحفي، وأن الفرد الرقمي المستخدم لوسائل التواصل الاجتماعي وشبكات الإنترنت سيتحول إلي عنصر فاعل، ولاعب مؤثر في اللعبة السياسية المحلية، وإلي شريك في رسم خارطة القوي الجيوسياسية الدولية حسبما أورد تقرير نشره مجلس الاستخبارات القومية الأميركية (NIC)مما يعكس رؤية مصر أمام العالم ويسهل علي الإعلاميــين التعبير عن مصر وقضاياها بالصورة التي يرسمونها .
وبفضل ثورة المعلومات، ومواقع الويب أصبح الفضاء الإلكتروني أحد العناصر الرئيسية التي تؤثر في النظام الدولي بما يحمل من أدوات تكنولوجيا تلعب دورًا مهمًّا في عملية التعبئة والحشد في العالم، فضلاً عن التأثير فى القيم السياسية وأشكال القوة المختلفة، سواء كانت صلبة أو ناعمة، لذا فالموقع الرئاسي المصري عبر شبكة الإنترنت هو أحــــري أن يستخدم القوة الإلكترونية الإستخدام الأمثل في التسويق لصورة مصر إقليميًا ودوليًا باعتباره قوة ناعمة داعمة في تحقيق أهداف وسياسات مصر الخارجية عبر العالم.