منذ أن حلت الرسالة الإلكترونية محل اللقاء، و تبدلت نبرة الصوت بالضغط على زر إرسال، ونحن فقدنا نعمة الشعور بالغير.
فقدنا لغة العيون التي كانت بمثابة انعكاس لكل ما يدور بداخل المرء، ويعجز عن البوح به، فقدنا اليد التي كانت تشد على قبضتك كأنها رسالة فحواها "لاتخف فأنا بجانبك "، فقدنا الكتف الذي كان يميل من أجل أن تستند عليه برأسك، والصدر الذي كنت تخفي فيه ملامح وجهك حتى تتوارى بين أضلعه حينما تكون في أشد اللحظات ضعفاً، وفي أمس الحاجة إلى الدعم.
فبرغم من اننا أخفقنا في الحفاظ على المشاعر الإنسانية إلا أننا استطعنا أن نحافظ على العالم الإلكتروني بنجاح ساحق، فنحن لم نقبل فكرة الانسحاب من المشاركة في المظاهر الاجتماعية فحسب، إنما قبّلنا أيضا أن تُختزل مشاعرنا في تطبيقات تكنولوجية مختلفة ومتعددة، واكتفينا بكلمات جامدة تخلو من أي شعور، ولا تشكل لنا سوى بضع حروف.