القارئ محمد محسن يكتب: صوت النيل

يبدو أنها إحدى المناسبات الوطنية.. لذلك، لم تخرج تلك المسابقة عن الإطار العام، فالمتسابقات الثلاث يتنافسن على لقب أفضل من غنت للوطن.. وكنت أنا تعيس الحظ ... الحكم الوحيد! كما كانت المدة محدودة جدا.. المسافة لم تسمح بسماع أكثر من ثلاث أغنيات فقط.. وأن الأغنية الأولى امتدت لأكثر من خمسة عشرة دقيقة.. كانت الأغنية الأولى من نصيب سيدة شامخة ألهبت العالم أجمع بصوتها الشاهق الذى اخترق الوجدان.. وتربع على عرش الغناء لأكثر من نصف قرن.. إلى أن صارت كوكبا لا يطاله أحد.. وكما كان العالم يراها سيدة الغناء العربي، كنت اعتبرها جزءا من مشروع قومى لتوحيد الأمة العربية من أقصاه إلى أقصاه.. قد يكون المشروع قد انهار في لحظة.. إلا أنها قد ظلت باقية تؤدى الرسالة.. ولكننى.. فى الحقيقة.. لم ارتاح لها يوما.. لا أقول إنني لم أحبها.. بل كنت أرى أن لها زمانها وزمنها الذي يليق بمن هم أكبر منى سنا.. أما أنا فلا أطيق سماع أغنية تمتد لأكثر من ربع ساعة.. هو عيبٌ فىّ بالتأكيد.. على الرغم من الوقت الذى تمتلكه المسابقة.. إلا أنه مما لا شك فيه.. أغنية عظيمة و كلمات قوية تعبر عن فخر وعظمة البلاد .. انتهت كوكب الشرق -ام كلثوم- من غناء قصيدة " مصر تتحدث عن نفسها " كلمات شاعر النيل حافظ إبراهيم وألحان رياض السنباطى.. لتأتى تلك الفنانة الرشيقة التي سبقت زمنها فعلا.. وأغنيتها الوطنية الساحرة.. قليل جدا ما كنت أسمع أغانيها الوطنية.. إلا أن تلك الأغنية تعتبر الأشهر على الاطلاق.. على الرغم من عمر الأغنية الذى تخطى الأربعين.. إلا أنها ظلت فى الأذهان، فنرددها فى كل وقت نحتاج فيه للوطن.. أو كان الوطن يحتاجنا فيه.. لقد غُنت في إحدى المناسبات العامة بعد النكسة.. لشد الأزر وإعلاء الهمم.. اختفت لفترة وظلت حبيسة الإذاعة.. إلى أن فاز منتخبنا بكأس أفريقيا عام 2008.. ومنذ ذلك الوقت، أصبحت تلك الأغنية.. ماركة مسجلة لفرحة المصريين..! وهكذا، كانت أغنية "يا حبيبتى يا مصر" للفنانة الراحلة شادية من كلمات محمد حمزة وألحان بليغ حمدى.. بعد هذه الأغنية، لم يتبق أمامي الكثير فى الحقيقة، فلدي ثلاث دقائق او أقل.. كنت قد مللت جدا.. كما اننى قد اقتربت جدا، وكنت مستعدا للنهاية.. وكدت أن أنهى المسابقة قبل الأوان.. لولا المتسابقة الأخيرة..! وما أن سمعت أصوات عزف الكمان الساحر.. حتى امتلأت عيناي بالدموع.. نعم، هذا ما كنت أبحث عنه فى البداية.. أو عنها ..! لا أدرى إن كان اللحن أو الكلام أو الغناء هو السر.. فلقد كان اللحن حماسيا جدا فى بدايته..رقيقا جدا فى نهايته ..تعيش فيه فخر الوطن، ثم تغوص فى سلام معه ..و كلمات تشعرك بالدفئ .. و الحنين لوطن نشتاق اليه وان كنا لم نخرج عنه يوما .. أما هذه السيدة، فالكلام عنها لا يكفي أبدا... من هم من جيلي.. يعلم تماما ما أتحدث عنه.. هذا الصوت العذب الأوبرالى الممزوج بباطن أرض مصر ..لقد تربينا على هذا الصوت جيدا ...حينما كنا نشاهد برامج الأطفال على القناة الاولى ..كم كانت فى رقة الأم حينما تشدو لأطفالها ..من من الأمهات لم تغنى هذه الأغنية لطفلها الصغير .. حتى عندما غنت للحب ..فكان عذوبة الصوت كافى جدا لنقل ذلك الاحساس الدافئ ..أما الغناء للوطن ، فعندها شىء آخر ..قد تكون هى من اكثر الفنانات التى غنت له بقلب ..دون تشنج ..دون افتعال ..فوصل الغناء مباشرة الى القلب .. لقد غنت للوطن كثيرا.. ولديها العديد منها كما قلت ..لكن هذه الاغنية تظل أشهرهم ..و اقربهم لقلب كل مصرى عاش وعاصر فترة الثمانينات و التسعينات ... كانت شعلة مضيئة سرعان ما انطفأت.. أين ذهبت .. ولماذا اختفت .. قد تراها صدفة في احد البرامج ..قد ترى لها حفلات قليلة فى الأوبرا على اليوتيوب ..قد يكون الزمن أصدر لها الحكم الأخير بالابتعاد والاختباء..انا لم ولن انساك يوما ما ..انا لا اعلم القابك جيدا ...سأطلق عليك ..صوت النيل ..فهو عذب جدا ..و نشتاق إليه جدا .. كما يبدو أننا سنشتاق للأخير..!! شكرا لك يا ست عفاف على تحفتك الرائعة.. ورحم الله كل من عبد الوهاب محمد ، من أحسن وصف الوطن بالام الحنون ، وكمال الطويل من اوصل هذا التعبير الى الناس فى احسن صورة .. انتهت المسابقة عند وصولي إلى المنزل اخيرا، بعد ان عشت لحظات شيقة وجميلة خلال تلك الرحلة القصيرة مع إذاعة الأغانى.. على امل اللقاء مجددا.. في مناسبات اخرى.!



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;